الحراك الإخباري - الصحفية اقنتيل جميلة..العائلة و الصحافة خطين لا يلتقيان
إعلان
إعلان

الصحفية اقنتيل جميلة..العائلة و الصحافة خطين لا يلتقيان

منذ 3 سنوات|حوار

شهادة حية وجميلة لجميلة من جميلات الصحافة الجزائرية، الصحفية المحترفة صاحبة القرطاس والقلم، وقفت أمام مفترق الطرق لتختار بين مهنة المتاعب التي تعشقها حتى النخاع وبين حضن العائلة، بالطبع الكفة مالت لصالح الزوج والأبناء وهو الخيار الذي لن تندم عليه أبدا جميلة ولكن الحنين لا يزال يشدها للصحافة كمهنة نبيلة سكنت روحها منذ الصغر.
في هذا السياق تقول جميلة: منذ صغري وأنا أحلم أن أكون صحفية...لطالما كنت أراقب شاشة التلفاز في انتظار نشرات الأخبار..كنت أشاهدها كاملة دون أن أتمعن في مضمونها، فما كان يهمني هو المقدمين من صحفيين وصحفيات..تمر السنوات والسنوات الدراسية لأجد نفسي قد أنهيت دراستي الجامعية التي اخترت خلالها معهد الترجمة بجامعة الجزائر..وفور ذلك أخذت أشق طريق العمل فكانت الصحافة أولى اهتماماتي...خاصة المكتوبة منها.

بداياتي كانت متعثرة ببعض العناوين التي عملت بها كادت تبعدني عن الإعلام رغم صغر سني وبداياتي المترددة بسبب بعض الممارسات السلبية...فغالبا ما كان يتم استغلالي دون مقابل مادي أو تامين أو حماية..غير أنني تمسكت بالمهنة التي تمرست فيها لأزيد من 18 سنة كاملة أخذت المساء الحيز الأكبر منها..والتي يعود الفضل لها ولأسماء عدة صقلت معارفي وتقنياتي في التحرير والكتابة.

وخلال مشواري المهني جبت الجزائر شرقها وغربها شمالها وجنوبها وقفت عند كل الظواهر والأحداث الاجتماعية والسياسية والاقتصادية...رافقت فيها أشخاص وشخصيات عدة..المهنة لم تمنعني من تشكيل أسرة وأبناء منذ صغر سني..خلافا لزميلاتي اللواتي غالبا ما تخونهم السنوات دون أن تضفر بزوج ونعمة الأبناء، فالمهنة سرقتهم عن هذا الجانب المهم من الحياة.

غير أنني ورغم تمكني من تحقيق هذا الجانب من الحياة، إلا أنني لم أوفق كثيرا في تسييرها لأن المهنة أخذتني أو بالأحرى سرقتني عنهم، سرقتني عن أبنائي الذين أنجبتهم دون أن أراهم يكبرون وينمون...فكم تعبت بين المربيات والأهل والجيران في رحلة بحث عن من يتكفل بهم ويرعاهم لساعات أو أيام..وكم كانت أيام الجمعة صعبة وثقيلة وأنا التي لم استمتع يوما بنكهة هذا اليوم المبارك الذي يعد عيدا أسبوعيا للمسلمين وموعدا لاجتماع العائلات.

في سنة 2016 شكلت المنعرج الحاسم بالنسبة لي وهي السنة التي فقدت فيها والدتي أثناء تواجدي في مهمة عمل خارج الولاية، أمي التي كانت السند لي والأم البديلة لأولادي وهي التي طالما نصحتني بالاهتمام أكثر بالعائلة والأولاد...أيقنت ساعتها أن المهنة سرقتني وسرقت مني أعز ما أملك، حينها قررت العمل من أجل التوفيق بين عائلتي وعملي ...ومن بين كل فرص العمل التي أتيحت لي اخترت أن لا أبتعد كثيرا عن مجال الإعلام الذي اقتنعت أن التخلي عنه صعب وليس بالأمر الهين.

العمل كمكلفة بالإعلام يعد نوع من الإعلام المؤسساتي وهو ما يجعلني أقول أنني لم أبتعد كثيرا عن مهنة المتاعب والتي اقتنعت أكثر بكونها مهنة متعبة بعد أن ذقت طعم الراحة النسبية...وبخصوص إمكانية عودتي للصحافة، فلا أخفي أن الحنين يشدني دوما إليها وتجدني أكتب مقالا صحفيا عوض أن أكتفي بتحرير بيان صحفي عند الضرورة..إن للصحافة سحر قوي لا تخلصك منه لا الوظائف البديلة ولا الشبيهة وتدفعني بعض العروض إلى العودة للمهنة فيما تشدني العائلة إلى الإقلاع عن الفكرة.

واقع الصحافة تغير كثيرا خلال السنوات الأخيرة، وفي كل مرة ألتقي فيها زملائي يثنون على قراري ويتعجبون لشجاعتي على مواجهة هذا التغيير وتحمله...لكن أقول وأؤكد أن القادم أحسن خاصة مع ورشات الإصلاح التي باشرها القطاع والتي لا أشك أنها ستطهره من الدخلاء الذين أذلوا أصحاب المهنة وأجبروهم على الرحيل بسبب الممارسات السلبية وغياب المهنية.

حاورها: حيدر شريف

تاريخ Aug 18, 2020