هل نسي من دخل السياسة خلسة عندنا ان امريكا و هي اعظم دولة في العالم لم تخرج بعد من مشاكل انتخاباتها في 2020 التي فاز بها جو بايدن على دونالد ترمب بعد ان شابت العملية ما شابتها من اخطاء و تجاوزات و أشياء اخرى أدت إلى اعادة حساب الأصوات و رغم ذلك لا تزال انتخابات 2020 الأمريكية تسيل الحبر و لا يزال يكتنفها الغموض و لم ينجح القضاء الأمريكي المستقل جدا إلى يوم الناس هذا من إلقاء الضوء على كل خبايا هذه القضية.
لا نقول هذا الكلام من اجل تبرير ما لا يبرر او من اجل تغطية الشمس بالغربال بخصوص الانتخابات الرئاسية عندنا في الجزائر، و لا احد ينفي بان نسبة المشاركة ضعيفة و بان التعبئة لم ترقى الى مستوى إقناع الجمهور الكبير، و لكن نقول ما نقوله من اجل ان يتوقف من لا يخوض في السياسة إلا بمناسبة الانتخابات و لا يملك قاعدة شعبية و لا تتوفر فيه شروط الترشح يأتي اليوم ليصب الزيت على النار و يعمل على تهييج الجمهور من اجل حاجة في نفسه مطالبا بهدم اركان الدولة من اجل سواد عيون قلة قليلة لا يتجاوز نفوذها الفضاء الازرق و عادة ما ينشر أصحابها تحت اسم مستعار و بدون صورة.
لماذا لا يركز هؤلاء على رفض تبون و هو الفائز بهذه الانتخابات بالنتائج؟ هل سبق تبون احد في تاريخ رؤساء الجزائر منذ الاستقلال إلى رفض نتائج الانتخابات و التوقيع على وثيقة مع منافسيه للمطالبة بالشفافية و اعطاء كل ذي حق حقه؟ إلا يستحق ما اقدم عليه تبون ان يكون مثالا يحتذى به في تاريخ الانتخابات الرئاسية الجزائرية؟ هل يوجد في العالم العربي و الإسلامي من طالب بفتح تحقيق حول ملابسات الانتخابات على الرغم من فوزه بها؟ كل هذه الوقائع لم يتوقف عندها المروجون لليأس و القنوط بين أوساط الشعب الجزائري لان مصير الشعب الجزائري لا يهمهم بل هي نفوس مريضة معقدة متطرفة تريد فرض هواها بل تريد في نهاية المطاف ان تصل السلطة في الجزائر عن طريق تعيين الخارج.
ما حدث في هذه الانتخابات ليس نهاية العالم و لا يستدعي تغيير نظام الحكم و لا احداث ثورة على المؤسسات، ان كل ما يحتاجه النظام هو ادخال اصلاحات في العمق من اجل تحسين الاداء و إضفاء مزيدا من الشفافية على طرق التسيير. اما الكلام عن هدم كل شيء و اعادة البناء من جديد فهذا كلام لا يصدر الا من لا يفقه في السياسة شيئا.
ان ما حدث في الجزائر حدث في امريكا و في دول ديمقراطية عريقة، و معالجة الامر يكون بالحكمة و الروية و لا يمكن ان يأتي الإصلاح بالتهييج و الضغط على عبد المجيد تبون.
احمد العلوي