الحراك الإخباري - أبو راس الناصري...موسوعة جزائري نافس السيوطي في التآليف!
إعلان
إعلان

أبو راس الناصري...موسوعة جزائري نافس السيوطي في التآليف!

منذ 3 سنوات|روبرتاج

تستوقفنا حلقة اليوم في رحلتنا التاريخية الشيقة مع علماء الجزائر عبر العصور، مع شخصية علمية جزائرية مرموقة خلال القرن الثامن عشر، وهو الحافظ محمد أبو راس الناصري المعسكري الجزائري، أو محمد أبو راس بن أحمد بن ناصر الراشدي، علاّمة ومحقق في العلوم الإسلامية وحافظ للحديث النبوي من الجزائر.

وُلِد بنواحي مدينة معسكر يوم 8 صفر 1165هـ/ 27 ديسمبر 1751م، وتوفي، يوم 15 شعبان 1238هـ/ 27 أفريل 1823م، ودُفن بمعسكر.

وكان قد شارك في الجهاد لفتح مدينة وهران سنة 1206هـ/ 1795م، إلى جنب الباي محمد بن عثمان. له اسهامات كثيرة في علوم الحديث والقرآن والأنساب وله مؤلفات عدة في هذا المجال. يعتبر ثاني كبار رجالات مدينة معسكر الجزائرية بعد الأمير عبد القادر، لذا سميت عدة منشات في المنطقة باسمه، خاصة العلمية والثقافية منها.

تعلّم الشيخ أبو راس على والده أول الأمر، فحفظ على يديه معظم القرآن الكريم، لكنّه أتقنه على يد الشيخ منصور الضرير.

ثم درس الشيخ أبو راس على علماء معسكر، ومنهم:

    - محمد بن مولاي بن سحنون قاضي معسكر.

    - الشيخ علي بن الشنين.

    - الشيخ عبد القادر المشرفي صاحب كتاب بهجة الناظر

    كما انتقل الشيخ أبو راس إلى مدينة مازونة وانكب يأخذ من كبار أشياخها خاصة في الفقه ومختصر خليل منهم:

    - الشيخ مرتضى الزَّبيدي، صاحب تاج العروس وهو الذي لقّبه بالحافظ، أخذ عنه في القاهرة.

    - الشيخ عبد الرحمن التادلي (من علماء المغرب).

    - الشيخ أحمد بن عبد الله السوسي (من علماء تونس).

    - الشيخ أحمد بن عمّار الجزائري (صاحب الرحلة الشهيرة) وهو من فقهاء (مدينة الجزائر) وشعرائها.

أسّس الشيخ أبو راس بوسط مدينة معسكر مدرسة عرفت بالمدرسة المحمدية أو مكتبة المذاهب الأربعة، وذلك لتحرره العلمي في ذلك الزمان المعروف بالتعصّب، فقد كان يُفتي طلبته بالمذاهب الأربعة المعروفة عند أهل السنة والجماعة، وقد بلغ عدد من حضر دروسه فيها المئات.

 رحلاته

عُرف أبي راس الناصري بكثرة رحلاته إلى الأمصار مقلدا بذلك السابقين من العلماء، حيث تقول الأستاذة سميرة أنساعد "لم يكتفي أبو رأس الناصري بالتنقل بين مدن الغرب الجزائري فحسب بل تنقل إلى مدينة الجزائر فقسنطينة، ثم تونس ومصر والحجاز ثم الشام وفلسطين وكان بدء سفره إلى المشرق سنة 1204هـ وعرف أبوراس الناصري في هذه البلدان بعلمه الواسع وكثرة حفظه، حتى لقب في مصر بشيخ الإسلام وصار عند المصريين شهيرا بعد امتحانهم له " وفي نفس المنوال يقول عنه الدكتور عبد الحق زريوخ «..ثمّ ركب البحر إلى مصر، ولقي بها أهل العلم والأدب، منهم الشّيخ مرتضى الذي روى عنه أوائل "الصّحيحين"، و"رسالة القشيري" في التصوّف، و"مختصر العين"، و"مختصر الكنز الراقي" كما لقي الشيخ عصمان الحنبلي الذي قرأ عليه المذهب الحنبلي...

ثمّ رحل إلى مكّة، واجتمع بعلمائها وفقهائها، كالعلامة عبد الملك الحنفي المفتي الشّامي القلعي (ت 1229هـ) الذي أخذ عنه بعضاً من الحديث، ونبذة من "الكنز"، وشيئاً من التفسير ومثل مفتي الشّافعية عبد الغني، ومفتي المالكية الحسين المغربي الذي جالسه طويلاً، كما اجتمع، بمكّة، بالشّيخ العارف المشارك عبد الرّحمن التّادلي المغربي، وقرأ عليه شرح العارف بالله ابن عبّاد على "الحكم" ثمّ طوّف بالمدينة المشرّفة، وكان له بها مناظرات وأبحاث مع علمائها ويبدو أنّ هذه الرِّحلة كانت رحلة روحية، لأنّ أبا راس وجد الفرصة في زيارة ضريح المصطفى صلى الله عليه وسلم، وضريحي صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، وقبور الصّحابة بالبقيع.

ثمّ رحل إلى الشّام، وتحدّث إلى علمائها في مسألة من "الحبس" نصّ عليها الشّيخ أبو زكريا ابن الحطّاب (ت 995هـ) ونهاية، رجعوا إلى رأيه ووافقوه بعد الدّليل القاطع، بل جمعوا له مالاً كثيراً عندما أراد السّفر تكريماً له وتعظيماً، وبعد ذلك، دخل "الرّملة" إحدى مدن فلسطين، ولقي مفتِيها وعلماءَها، وكان بينهم مفاوضات حول "الدّخان" و"القهوة"، فأجابهم بما ذكره نصّ أبي السّعود (ت 951هـ)، فأكرموا وِفادته، وبعدها، رحل إلى غزّة فزار قبر هاشم ثالث آباء النبي صلى الله عليه وسلم، ولقي علماءها وأعيانها، فأكرموا ضيافته وكان بينه، كعادته، وبينهم مناظرات في مسائل مختلفة، اعترفوا له بها بالفضل وسعة العلم، إلاّ أنّه لم يجد عالماً واحداً يعوِّل عليه كما يذكر عندما غادر إلى العريش.

كما تتلمذ على كثير من العلماء والفقهاء في عصره، فنهل من علمهم وارتوى من مشربهم حيث يقول عن نفسه، أن أول من تتلمذ على يده والده الشيخ أحمد الذي قرأ عليه شيئا من سورة البقرة، ثم الشيخ علي التلاوي والشيخ منصور الضراري والشيخ علي بن شنين وكثيرا من العلماء والمشايخ كما تذكر كتب التاريخ التي تروي حياته مما قوى علمه وأنمى معارفه فكان بذلك من كبار علماء معسكر، كما تذكر هذه الكتب أيضا أنه تتلمذ على يده الكثير من فقهاء معسكر في المدرسة التي كانت تسمى المدرسة المحمدية، التي كان بها أكثر من سبعة مائة طالب في زمن كانت معسكر تسمى فيه مصر الصغرى على عكس ما توصف به معسكر اليوم من قبل أناس لا يعرفون عنها إلا الاسم فقط.

لم تكن حياته تخلو من المغامرة والدسائس، حيث رمي من قبل خصومه الحاسدين بالمشاركة في ثورة درقاوة ضد الأتراك 1217 هـ/1802 م خاصة وأنه كان مقرب من الحاكم التركي حينها، مما جعله يهرب إلى الجبال، حتى أنطفئت نار الغضب، فعاد إلى معسكر وألف كتاب بعنوان " درء الشقاوة في حرب درقاوة «

 مؤلّفاته

أبو راس من العلماء المكثرين في التأليف، فإنه كان يفخر بكونه لا يعلم أحدا ألّف أكثر منه إلا جلال الدين السيوطي، فقال: "ما أعلم أحدا أكثَرَ التآليف - بعده- غيري، والكمال لله»

ترك مؤلفات وكتب كثيرة تتجاوز أو تفوق المائة كتاب في الفقه والتاريخ، من أشهرها حسب تصنيف الدكتور عبد الحق زريوخ وفق المواضيع المدروسة :

القرآن

    "مجمع البحرين، ومطلع البدرين، بفتح الجليل، للعبد الذّليل، في التّيسير إلى علم التّفسير"، في ثلاثة أسفار.

    "تقييد على الخرّاز " و"الدّرر اللّوامع" و"الطِّراز"

 الحديث

   "الآيات البيِّنات، في شرح دلائل الخيرات"

    "مفاتيح الجنّة وأسناها، في الأحاديث التي اختلف العلماء في معناها»

    "السّيف المنتضى، فيما رويت بأسانيد الشّيخ مرتضى»

الفقه

    "درّة عقد الحواشي، على جيد شرحي الزّرقاني والخراشي" في ستّة أسفار.

    "الأحكام الجوازل، في نُبذ من النّوازل"

    "نظم عجيب في فروع، قليل نصّها مع كثرة الوقوع"

    "الكوكب الدّرّي، في الرّدّ بالجدري"

    "النّبذة المنيفة، في ترتيب فقه أبي حنيفة"

    "المدارك في ترتيب فقه الإمام مالك"

 النّحو

    "الدرّة اليتيمة التي لا يبلغ لها قيمة"

    "النكت الوفية، بشرح المكودي على الألفية"

    "عماد الزّهّاد، في إعراب: كلا شيء وجئت بلا زاد"

    "نفي الخصاصة في إحصاء تراجم الخلاصة"

 المذاهب

    "رحمة الأمّة في اختلاف الأئمّة"

    "تشنيف الأسماع، في مسائل الإجماع"

    "جزيل المواهب، في اختلاف الأربعة المذاهب"

    "قاصي الوهاد، في مقدِّمة الاجتهاد"

التّوحيد والتّصوّف


    "الزّهر الأكم، في شرح الحكم"

    "الحاوي لنبذ من التّوحيد والتصوف والأولياء والفتاوى"

    "كفاية المعتقد، ونكاية المنتقد" على شرح الكبرى للشّيخ السّنوسي.

    "شرح العقد النّفيس، في ذكر الأعيان من أولياء غريس"

    "التّشوّف إلى مذهب التّصوّف"

 التاريخ

" زهرة الشّماريخ في علم التاريخ"، "المنى والسّول، من أوّل الخليقة إلى بعثة الرّسول"، "درّ السّحابة، فيمن دخل المغرب من الصّحابة"، "درّ الشّقاوة في حروب درقاوة"، "المعالم الدّالّة على الفرق الضّالّة"، "الوسائل إلى معرفة القبائل"، "الحلل السّندسية فيما جرى بالعدوة الأندلسية"، "روضة السّلوان المؤلّفة بمرسى تيطوان"، "ذيل القرطاس في ملوك بني وطّاس"، "مروج الذّهب في نبذة من النّسب، ومن انتمى إلى الشّرف وذهب"، "الخبر المعلوم في كلّ من اخترع نوعاً من أنواع العلوم"، "تاريخ جربة"، "عجائب الأسفار، ولطائف الأخبار"، والمسمّى أيضاً "غريب الأخبار عمّا كان في وهران والأندلس مع الكفار".

اللّغة

    "ضياء القابوس على كتاب القاموس"، "رفيع الأثمان في لغة الولائم الثِّمان".

 البيان

"نيل الأماني على مختصر سعد الدين التّفتازاني"

المنطق

"القول المسلّم في شرح السّلم"، وهو شرح على سلم الأخضري.

الأصول

"شرح المحلَّى"

العروض

"شرح مشكاة الأنوار، التي يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسَسْه نار"

الشّروح الأدبية

شرح المقامات،النّزهة الأميرية في شرح المقامات الحريرية، الحلل الحريرية في شرح المقامات الحريرية، شرح القصائد، البشائر والإسعاد، في رح بانت سعاد، نيل الأرب في شرح لامية العرب، كل الصّيد في جوف الفرا، إزالة الوجم عن قصيدة لامية العجم، الوصيد في شرح سلوانية الصّيد، الدّرّة الأنيقة في شرح العقيقة، طراز شرح المرداسي لقصيدة المنداسي، الحلّة السّعدية في شرح القصيدة السّعيدية، الجُمان في شرح قصيدة أبي عثمان، نظم الأديب الحسيب، الجامع بين المدح والنّسيب والتّشبيب، الرِّياض المرضية في شرح الغوثية، لبّ أفياخي في عدّة أشياخي، حلّتي ونحلتي في تعدّد رحلتي، الفوائد المخبتة في الأجوبة المُسكتة.

وفاته

توفي الشيخ أبو راس بعد أن عاش أزيد من سبعين سنة، وذلك في عام 1238هـ/ 1823م، بعد حياة حافلة بالنشاط العلمي، ودفن في قلب مدينة معسكر، بحي بابا علي. ق/و

تاريخ Mar 5, 2021