الحراك الإخباري - حرب أسعار النفط تخلط أوراق الجزائر ... العودة للتقشف و تجميد ملفات الطاقة البديلة
إعلان
إعلان

حرب أسعار النفط تخلط أوراق الجزائر ... العودة للتقشف و تجميد ملفات الطاقة البديلة

منذ 4 سنوات|الأخبار


أخلط التهاوي الحر والمستمر لأسعار النفط، حسابات الحكومة الجزائرية التي نجحت مطلع فيفري المنصرم في إقناع البرلمان بغرفيته، بتمرير مخطط عملها الخماسي، الذي سيكلف الخزينة العمومية 270 مليار دولار، ما دفع حكومة الرئيس عبد المجيد تبون الأولى، التي تعاني أصلاً من شحّ الموارد، لمراجعة حساباتها، وإعادة ترتيب الأولويات، بما يتماشى والمرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد، بالموازاة مع تقاطع تقارير المؤسسات المالية العالمية، حول إمكانية انهاء برميل النفط للسنة الحالية بأسعار تحت عتبة 20 دولار.

شد الحزام

وخلفت "حرب الأسعار" المعلنة بين السعودية وروسيا، منذ قرابة الشهر، زلزالا على الجزائر التي وجدت نفسها ضحية صراع كبار منتجي النفط، مكتفية بدور المشاهد فقط، فالاقتصاد الجزائري الهش يعتمد على عائدات النفط التي تمثل أكثر من 93% من إيرادات البلاد من العملة الصعبة، ما يعني تراجعاً مرتقباً لمداخيل النفط، وسيزداد حجم الضغط على احتياطي الصرف، المُتبخر بسرعة فاقت توقعات الحكومة، بعدما هوى إلى 62 مليار دولار.

وكأول ردة فعل، ولامتصاص جزء من تهاوي عائدات النفط، قررت الحكومة الجزائرية وضع قانون مالي تكميلي ينتظر عرضه على البرلمان شهر جوان أو جويلية القادمين، كما أقر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في اجتماعه مع الحكومة في 22 مارس، حزمة من القرارات التقشفية، لحماية قدرات البلاد المالية، حيث أمر تبون الحكومة بضرورة تخفيض قيمة فاتورة الاستيراد من 41 إلى 31 مليار دولار، لحماية احتياطي البلاد من العملة الصعبة، مع تكليف الشركة النفطية "سوناطراك" بالتخفيض من أعباء الاستغلال ونفقات الاستثمار، من 14 إلى 7 مليارات دولار قصد الحفاظ على احتياطي الصرف.
كما قرر الرئيس الجزائري تخفيض نفقات ميزانية التسيير بـ 30 بالمائة، دون المسّ بأعباء الرواتب مع التوقف عن إبرام عقود الدراسات والخدمات مع المكاتب الأجنبية، مما سيوفّر للجزائر حوالي سبعة مليارات دولار سنوياً.
كما شملت حزمة الإجراءات التقشفية، تأجيل إطلاق المشاريع الحكومية، التي لم يُشرع في إنجازها، باستثناء المناطق الداخلية، وكذلك المشروع المتعلّق بدراسة مستشفى مكافحة السرطان في ولاية "الجلفة".
وحسب الخبير الاقتصادي حميد علوان فإن "الحكومة الجزائرية ستضطر لمراجعة حساباتها، فميزانية 2020 بنيت على أساس سعر مرجعي للنفط بـ 50 دولار للبرميل، أي أن كل توقعات الجزائر من عائدات النفط مشيدة على هذا السعر، وبأن السعر هوى بما يفوق 40 بالمائة، فهذا يعني أن عائدات البلاد ستنزل بـ 40 بالمائة كأقل شيء، ما ينذر بفجوة كبيرة في الميزان التجاري، دفعت بالرئيس تبون لإتخاذ قرار بخفض الواردات بـ 10 مليارات دولار، وهو رهان صعب لأن الجزائر لا تنتج أي شيء"
وأضاف نفس المتحدث لـ "الحراك الإخباري" أن " الحكومة ستتبنى دون شك إجراءات تقشفية وسياسة شد الحزام، يتخللها توسع ضريبي سيمس الجزائريين ".

احتياطي ضئيل

ولطالما اعتمدت الجزائر في السنوات الماضية على احتياطي الصرف لمواجهة أي إختلالات مالية تمر بها البلاد، إلا أن التبخر السريع لاحتياطي البلاد، يجعل اللجوء إليه بصفة مفرطة في الوقت الراهن شكلا من أشكال "الانتحار المالي" حسب الخبراء.
وبلغ احتياطي الجزائر من العملة الصعبة 60 مليار دولار حسب تصريحات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في حوار الصحفية ليوم الثلاثاء 31 مارس، وبهذا الرقم يسجل احتياطي الصرف الجزائري تراجعاً بـ 12 مليارات دولار في 12 شهرا، حيث استقر الاحتياطي مع نهاية أفريل 2019، عند 6. 72 مليار دولار مقابل 88. 79 ملياراً نهاية 2018 و97.33 مليار دولار نهاية 2017، علما أنه كان عند 194 مليار دولار سنة 2014، عند بداية الأزمة المالية.
وتوقعت الحكومة الجزائرية في موازنة سنة 2020، تراجع احتياطي الصرف إلى 6. 51 مليار دولار مع نهاية العام الجاري.
وفي السياق، يرى الخبير المالي وعضو اللجنة المالية في البرلمان الجزائري هواري تيغرسي أن " الحكومة في إعداد قانون المالية للسنة الحالية توقعت أن يصل العجز في الميزانية إلى 20 مليار دولار، يقابله عجز بـ 30 مليار دولار في الخزينة العمومية، على أن يصل العجز في الميزان التجاري إلى 16 مليار دولار عند نهاية 2020، أي نحن أمام عجز مركب يقدر بـ 66 مليار دولار، أي 106 بالمائة من احتياطي الصرف الحالي، أي أن الاحتياطي سيتبخر مع بداية 2021، إذا استمر تهاوي سعر النفط"
وأضاف نفس المتحدث "سيكون الامتحان الحقيقي للحكومة الجزائرية، إيجاد الموارد لتسيير الدولة، المتميز أصلاً بارتفاع الإنفاق العام، مع توفير موارد مالية أخرى تترجم بها سقف تحدياتها وتعهداتها المرتفع في برنامج عملها، سواء السياسية أو الاقتصادية وحتى الاجتماعية، من خلال مراجعة السياسة المالية، وانتهاج سياسية شد الحزام، مع تبني خطة الحكومات السابقة المتعلقة بالانتقال من الدعم العام للأسعار والخدمات، إلى الدعم الموجه للطبقات الهشة، من أجل إحداث عدالة اجتماعية، وبالتالي وارد جداً أن تطلق الجزائر مناقصات دولية لتمويل المشاريع الكبرى، لكن أن تستدين الجزائر من أجل الإنفاق وليس الاستثمار، فهذا انتحار لا ننصح به".

خسائر جانبية

لم يخفي الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، منذ إعلانه الترشح لخلافة بوتفليقة، عن عزمه في التوجه نحو استغلال الغاز الصخري، كملاذ لمواجهة انهيار النفط، وذلك رغم الرفض الشعبي لاستغلاله.
وتتوفر الجزائر على 4940 مليار متر مكعب من احتياطيات الغاز الصخري، ما يجعلها الثالثة عالمياً، منها 740 تريليون قدم مكعب قابلة للاستخراج، بحسب تقديرات أنجزتها "سوناطراك" على خمسة أحواض في الجنوب الجزائري.
وقد حال ارتفاع تكاليف استغلال الغاز الصخري وافتقار الجزائر إلى تقنيات استخراجه دون التوجه إلى استغلال هذه الطاقة المتوفرة بكميات ضخمة في البلاد، على الرغم من الإعلان المتكرر للحكومة عن سعيها إلى التنقيب عن الغاز الصخري، ما أدخلها في صدامات مع المعارضة ومع سكان الجنوب الجزائري الرافضين لاستخراجه.
والظاهر من التحولات والتقلبات التي تعيشها الجزائر، أن ملف استغلال الغاز الصخري سيبقى حبيس أدراج الحكومة إلى حين تحسن ظروف البلاد المالية، التي لا تطيق "إنفاق" أموال في الوقت الراهن على ثروة لا تتحكم الجزائر في طرق التعامل معها، ولعل أكبر دليل على تأجيل المشروع هو إلزام سوناطراك بتقليص ميزانية الإستثمار بـ 7 مليارات دولار، في وقت كانت تبحث الشركة النفطية على سبل لرفع إنتاجها، لمواجهة الطلب الداخلي والإلتزام بالعقود الخارجية .

يوسف خليل

تاريخ Apr 1, 2020