الحراك الإخباري - تعزيز مكانة الشركة الوطنية للسيارات الصناعية الجزائرية: خارطة طريق للريادة في حافلات المطارات العالمية
إعلان
إعلان

تعزيز مكانة الشركة الوطنية للسيارات الصناعية الجزائرية: خارطة طريق للريادة في حافلات المطارات العالمية

منذ أسبوع|رأي من الحراك


تعتبر الشركة الوطنية للسيارات الصناعية، التي تأسست عام 1957، ركيزة أساسية في المشهد الصناعي الجزائري. على مدى العقود الماضية، واجهت الشركة تحديات كبيرة أدت إلى تدهور وضعها بشكل شبه كامل خلال الثلاثة عقود الأخيرة. هذا الانهيار دفع السلطات في عام 2020 إلى وضع الشركة تحت إشراف مديرية الصناعات العسكرية، التي تنتج الشاحنات الثقيلة من علامة مرسيدس بنز في الرويبة (الجزائر)، والمصنعة من قبل المؤسسة الوطنية لتطوير صناعة السيارات في الناحية العسكرية الثانية، تحت إشراف مديرية الصناعات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع الوطني. جاء هذا الاتفاق لإنقاذ الشركة الوطنية للسيارات الصناعية من الانهيار الكامل. 

منذ ذلك الحين، قامت الشركة بعدة تسليمات لمركبات مخصصة للخدمات العامة في مجالات النظافة وجمع النفايات المنزلية. ومع ذلك، لا تزال الشركة بعيدة جدًا عن تحقيق إمكاناتها الحقيقية في إنتاج الحافلات والمركبات ذات الاستخدامات العامة.

سوق حافلات المطارات العالمي: ساحة مربحة 

سوق حافلات المطارات هو قطاع حيوي في صناعة النقل العالمية. تحتاج المطارات حول العالم إلى أساطيل من الحافلات المتخصصة لنقل المسافرين بين المباني والطائرات، خاصة في الحالات التي لا تتوفر فيها جسور الركاب. مع وجود أكثر من 17,000 مطار تجاري عالميًا وازدياد عدد المسافرين جواً المتوقع أن يصل إلى 8.2 مليار بحلول عام 2037 وفقًا للاتحاد الدولي للنقل الجوي فإن الطلب على حافلات المطارات مرشح لنمو مستدام. 

نجاح **كوبس** الألمانية، التي تأسست عام 1983، يوضح إمكانات السوق. مع أكثر من 4,700 حافلة تعمل في 350 مطارًا عبر 110 دول، تتمتع الشركة بحصة سوقية تبلغ 70% وحققت إيرادات تقارب 60 مليون دولار أمريكي في عام 2020. هذا التباين الواضح يسلط الضوء على فرصة غير مستغلة للشركة الوطنية للسيارات الصناعية: دخول سوق حافلات المطارات المربح يمكن أن يساهم ليس فقط في تحديث البنية التحتية للمواصلات في الجزائر، بل ويضع الشركة كلاعب رئيسي في إفريقيا وخارجها.

فرصة الشركة الوطنية للسيارات الصناعية: سد الفجوات وبناء الجسور 

بالنسبة للشركة الوطنية للسيارات الصناعية، يمثل دخول سوق حافلات المطارات عدة مزايا: 

التطور التكنولوجي: تطوير حافلات المطارات سيتطلب دمج تقنيات متقدمة، مثل التصاميم منخفضة الأرضية لسهولة الصعود، وأنظمة الدفع الكهربائي للاستدامة، وأنظمة السلامة المتطورة. هذه القفزة التكنولوجية يمكن أن ترتقي بمجمل منتجات الشركة.

النمو الاقتصادي: من خلال الحصول على جزء من سوق حافلات المطارات، يمكن للشركة زيادة إيراداتها بشكل كبير. وحدها القارة الأفريقية تضم أكثر من 300 مطار، العديد منها يخضع لتوسعات تتطلب معدات دعم أرضي جديدة، بما في ذلك الحافلات. 

تقليل الواردات: تعتمد الجزائر حاليًا على الواردات لتلبية احتياجاتها من النقل العام. توسع الشركة في تصنيع الحافلات للاستخدام المحلي والتصدير يمكن أن يقلل من فاتورة الواردات الوطنية، ويقوي الاقتصاد المحلي، ويوفر فرص عمل. 

الريادة الإقليمية: تأسيس وجود في سوق حافلات المطارات يمكن أن يضع الشركة كمورد رئيسي للمطارات الأفريقية، التي تفضل العديد منها الشركاء الإقليميين لسهولة الصيانة واللوجستيات. 

خارطة طريق استراتيجية للشركة الوطنية للسيارات الصناعية 

لاغتنام هذه الفرصة، يجب على الشركة تبني استراتيجية متعددة المراحل:

المدى القصير (1-2 سنة)

بحث السوق ودراسة الجدوى: إجراء دراسات شاملة لفهم الاحتياجات المحددة لحافلات المطارات، بما

المدى القصير (1-2 سنة)

بحث السوق ودراسة الجدوى: إجراء دراسات شاملة لفهم الاحتياجات المحددة لحافلات المطارات، بما في ذلك المتطلبات التنظيمية والمعايير التكنولوجية وتوقعات العملاء.

الشراكات والتحالفات:

تشكيل شراكات استراتيجية مع المصنعين الجزائريين مثل شركة إيريس للإطارات، وتوسيالي للشاسيهات، بالإضافة إلى شركات أخرى متخصصة في الكابلات الكهربائية والمكونات المختلفة. يمكن أيضًا إقامة تعاون مع شركة سونلغاز لتوفير البطاريات الكهربائية في حالة إنتاج حافلات كهربائية بنسبة 100%، مما سيزيد من فرص دخول الحافلات إلى الأسواق الدولية. التحدي الحقيقي قد يكون في مجال المحركات الاحتراقية أو الكهربائية، حيث ستحتاج الشركة الوطنية للسيارات الصناعية إلى التعاون مع مصنعي محركات صينيين أو إيطاليين.

تطوير المنتج

: تشكيل فريق متخصص لتصميم نموذج أولي لحافلة مطار تفي بالمعايير الدولية، مع التركيز على ابتكار تصاميم حديثة وجذابة تتميز بالإبداع، وتكون قابلة للتخصيص وفقًا لاحتياجات الأسواق المختلفة. يجب أن يكون التصميم ذو طابع عصري للغاية لزيادة جاذبية المنتجات في الأسواق المحلية والدولية. 

المدى المتوسط (3-5 سنوات)

توسيع الإنتاج: الاستثمار في تحديث مرافق الإنتاج للتعامل مع العمليات التصنيعية المتخصصة المطلوبة لحافلات المطارات، بما في ذلك الهندسة الدقيقة وأنظمة مراقبة الجودة. 

الحصول على الشهادات والامتثال: الحصول على الشهادات اللازمة من سلطات الطيران والنقل الدولية لضمان صلاحية الحافلات للتشغيل في المطارات العالمية. 

استراتيجية التسويق والمبيعات: تطوير خطة تسويق قوية تستهدف المطارات الأفريقية مبدئيًا، مستغلة الموقع الاستراتيجي للجزائر وسمعة الشركة. المشاركة في المعارض التجارية الدولية والمؤتمرات الجوية لعرض خط المنتجات الجديد. 

المدى البعيد (أكثر من 5 سنوات)

التوسع العالمي: بعد تأسيس وجود قوي في أفريقيا، استهداف الأسواق الناشئة في الشرق الأوسط وآسيا وأمريكا اللاتينية، حيث تتطور البنية التحتية للمطارات بسرعة.

الابتكار والاستدامة: الاستثمار في البحث والتطوير لتقديم حافلات مطارات كهربائية أو هجينة، بما يتماشى مع التحول العالمي نحو حلول النقل المستدامة. 

خدمات ما بعد البيع والصيانة: بناء شبكة من مراكز الخدمة وتقديم برامج تدريب شاملة لفرق صيانة العملاء، لضمان رضا العملاء على المدى الطويل وولاء العلامة التجارية.

الأثر المتوقع والفوائد

من خلال تنفيذ هذه الاستراتيجية، يمكن للشركة: 

الحصول على ما يصل إلى 100% من سوق حافلات المطارات الجزائرية و 10% من سوق الحافلات الأفريقية في 2030: مع وجود أكثر من 300 مطار في أفريقيا، وإذا افترضنا أن كل منها يحتاج إلى متوسط 10 حافلات، فإن حجم السوق المحتمل هو 3,000 حافلة. الحصول على 10% يعني بيع ما لا يقل عن 300 حافلة، مما يترجم إلى نمو كبير في الإيرادات. 

زيادة الإيرادات السنوية بمقدار 20 مليون دولار أمريكي: بناءً على متوسط سعر 70,000 دولار للحافلة الواحدة، يمكن أن تولد بيع 300 وحدة إيرادات بقيمة 21 مليون دولار. 

خلق فرص عمل وتنشيط الاقتصاد: توسيع الإنتاج سيتطلب قوة عاملة إضافية، مما يساهم في معدلات التوظيف في الجزائر والتنمية الاقتصادية. 

تعزيز القدرات التكنولوجية: التطورات التكنولوجية اللازمة لحافلات المطارات يمكن أن تنعكس على خطوط منتجات الشركة الأخرى، مما يحسن القدرة التنافسية العامة.

 

الخلاصة

 

تقف الشركة الوطنية للسيارات الصناعية على أعتاب فرصة تحولية. من خلال الاستفادة من تراثها التصنيعي وتبني رؤية دولية تقدمية، يمكن للشركة دخول سوق حافلات المطارات وفي نهاية المطاف قيادته في أفريقيا وما بعدها. هذا التحول الاستراتيجي لن ينعش الشركة فحسب، بل سيعزز أيضًا الاقتصاد الجزائري، ويقلل الاعتماد على الواردات، ويبرز القدرات الصناعية للبلاد على الساحة العالمية.

 

الطريق أمامنا يتطلب إجراءات حاسمة وتخطيطًا استراتيجيًا والتزامًا بالتميز. مع إدارة جديدة على رأس القيادة، تمتلك الشركة الوطنية للسيارات الصناعية القدرة ليس فقط على اتباع خطى رواد الصناعة مثل **كوبس**، بل على شق طريقها الخاص كرمز للابتكار والنجاح الصناعي الجزائري.


زهير شيخي

مهندس مختص في الاقتصاد و النفط

تاريخ Oct 12, 2024