الحراك الإخباري - إحصائيات غائبة وأراء متضاربة... المقروئية في الجزائر شعار فضفاض واتهامات جاهزة
إعلان
إعلان

إحصائيات غائبة وأراء متضاربة... المقروئية في الجزائر شعار فضفاض واتهامات جاهزة

منذ 4 سنوات|الأخبار


 يطرح موضوع المقروئية في الجزائر إشكالية لم يتم الفصل فيها بعد، خاصة في غياب دراسات ذات مصداقية حول الكتاب واتجاهات القراءة كما هو معمول به في باقي الدول.
ويبقى الموضوع حبيس نقاش فضفاض وعمومي بين نظرية غارقة في العدمية والقطعية كون المجتمع الجزائري أمِّي لا صلة له بثقافة الكتاب وبين من يعتبر هذا الطرح مبالغ فيه ولا يمتّ للواقع بصلة.
وأطلق المركز الوطني للكتاب، العام الماضي استبيانا على هامش الطبعة 23 من معرض الجزائر للكتاب، وأظهر هذا الإستبيان الذي قُدّم بقصر الثقافة بحضور وزير الثقافة السابق عزالدين ميهوبي أنّ 96.6 من العينة المستجوبة عبر عشر ولايات شملتها الدراسة يحبون القراءة والمطالعة، كما أظهرت الدراسة التي شملت الفئة العمرية من 15 إلى 65 عاما أن 52 % من المستجوبين يقرؤون القصص والروايات، بينما 46 % منهم يهتمون بالكتب العلمية في حين أن 24 % منهم يقرؤون كتب التاريخ.
كما كشفت الدراسة أن 68 % من المستجوبين يقرؤون بالعربية و41.6 % بالفرنسية و12.7 % بالإنجليزية.
وكانت هذه الدراسة قد تعرضت لانتقادات كبيرة كون النتائج التي توصلت إليها لا تمتّ للواقع بصلة، خاصة وأنها جرت في المكتبات العمومية وبين طلبة الجامعة، وكان الأجدر أن تجري في الأسواق، والساحات العمومية والشوارع، وداخل وسائل النقل، حتى تكون العيّنة تمثيلية.
واعتبر حسان بن نعمان عضو المركز الوطني للكتاب الذي أشرف على إعداد الدراسة أنّ المركز لا يملك إمكانيات تسمح له بإعداد دراسات دقيقة، وشاملة عن الموضوع، لكن الإستبيان السابق فيه بعض الحقائق التي ليست بعيدة تماما عن الواقع، وأضاف بن نعمان قائلا "صحيح أنّ العيّنة المستعملة في الدراسة لا يمكن أن تعمم، لكن على الأقل الفئة العمرية ونوعية ما يقرؤونه ومن يقرؤون قريبة من الواقع."
من جهة أخرى قال حسان بن نعمان أنّه كناشر له تجربة في التعاطي مع سوق النشر وصناعة الكتاب في الجزائر، يرى أن الواقع يؤكد أن غياب منافذ بيع وتسويق الكتاب تعطي مؤشر قوي على أزمة تعاطي الجزائري مع الكتاب.
وحسب ذاته المتحدث فلا يمكن اعتبار رقم المليون زائر لمعرض الكتاب سنويا مؤشر على وجود إقبال على الكتاب لأن حسبه ثمة فرق بين مليون زائر ومليون قارئ.
وما يؤكد فرضية حسان بن نعمان، دراسة أخرى تعود إلى سنة 2009 أجراها الدكتور عبد الله بدعيدة عن المركز العالمي للإستشارات الإقتصادية، كشفت أن نسبة المقروئية في الجزائر لا تتجاوز 6.8، وهي نسبة ضئيلة في بلد كان يومها عدد سكانه فوق 35 مليون نسمة.
وكان الدكتور بدعيدة قد أشار في ذات الدراسة إلى أنّ نسبة الجزائريين الذين لا يمارسون فعل القراءة كليا، تقدّر بنحو 56.86 بالمئة، أي ما يفوق نصف المجتمع أي 20 مليون شخص على الأقل .
 فيما يعتبر الناقد الدكتور محمد الأمين بحري أن عبارة ضعف المقروئية مجرد مصطلح فضفاض وشعار جاهز يروّج له أصحاب "نظرية العدمية" دون تقديم سند واقعي لها.
وأوضح بحري في تصريح للحراك الإخباري أنّ "الواقع ليس بهذه العدمية خاصة مع بروز معالم وعلامات جديدة، لصالح الفعل القرائي، مثل فضاءات التفاعل الإلكتروني، ومواقع التواصل الاجتماعي، التي تُفتح بها يومياً مئات الندوات والورشات والمنابر حول القراءة وجديد المنشورات، والتي تحتشد بالقراءة والمتابعين لشأن الكتاب" ... "فضلاً عن الفعل الترويجي والإعلاني الذي تمارسه هذه المنصات، والقراءات والملخصات لما يصدر يومياً من مؤلفات، وهو ما يزيد بل يضاعف شعبية الكتاب، ويغذي فضول البحث عنه خاصة لدى من أطلع على تلك القراءات والإنطباعات عن كتاب لم يطالعه بعد".
وحسب نفس المتحدث فإن الوسائط الإجتماعية اليوم تقرب القارئ من الكتاب كما يمنحه الكتاب الإلكتروني فرصة تقليص المسافة واختصار الزمن والجهد والمال".
هذا إلى جانب ما توفره الدراما التلفزيونية والسينما عن طريق تحويل الأعمال الإبداعية إلى أعمال مرئية مما يمنح لهذه المؤلفات فرصة الادإنتشار الجماهيري.
وقال الدكتور بحري في نفس السياق أن ما يدفع للمطابع من كتب تصدر في أغلبها يأتي في إطار صالونات الكتاب د، ولا تطبع أزيد من 200 نسخة وقد لا يتعدى توزيعها دائرة أصدقاء الكاتب، ثم يخرج علينا هؤلاء مع دور النشر التي طبعت لهم، ويرددون في المنابر الإعلامية ومواقع التواصل الإجتماعي، وبصوت عالٍ، "لا يوجد قراء، نعاني من ضعف المقروئية".. وغيرها من الأكليشيهات الفضفاضة الزائفة، ذلك أنهم لا يؤمنون بوجود فعل القراءة، من الأساس، وهم أهل الكتاب، ولا يثقون في قيمة ورواج كتاب الذي يقومون بنشره...".
واعتبر صاحب كتاب "النقد الأسطوري" أنّ "أصحاب هذه الممارسات يستخفون بقيمة الكتاب ويتحالفون على إضعاف فعل القراءة والمقروئية، التي يصنعها هؤلاء ثم ينددون بها في اليوم الموالي، ويلقون المسؤولية على القارئ، راكبين موجة العدمية النافية لوجود القراءة التي يجهلون حقيقتها، ويزيفون صورتها لدى الرأي العام".
واعتبر المتحدث أن من يطبع 50 و100 نسخة يذهب بها إلى صالون وطني في بلد يتجاوز عدد سكانه الأربعين مليوناً؟ لا يحق له أن يتحدث عن ضعف المقروئية".

نعيمة . م

تاريخ Feb 20, 2020