هو فعلا إرث ساقية سيدي يوسف، هذه القرية التي تقع في الطريق بين سوق أهراس والكاف قبل أن تجعلها الجغرافيا نبراسا للأخوة في الدم وللحياة أو الاستشهاد في ساحة الوغى.
ولأن لا فرق بين الجزائري والتونسي كانت الجملة الأولى من هذه المقالة خالية من ذكر ما يعتبر إرثا استعماريا زرع هذه النواحي ألغاما وحولها سياجا قبل أن يلهبها نارا فقط من أجل منع القاطنين في الجانب الآخر من أداء واجبهم المقدس اتجاه أشقائهم في هذا الجانب وهم يقارعون العدو ويكابدون المحن.
نقول ذلك لنؤكد أن ما تمخضت عنه أشغال اللجنة الثنائية لترقية وتنمية المناطق الحدودية الجزائرية التونسية المنعقدة مؤخرا لم تقم إلا بالواجب وما ينبغي أن يكون وهي تسعى لجعل الاندماج الحدودي حقيقة في السنوات المقبلة.
جعلت هذه اللجنة التي ترأسها مراد والفقي المناطق الحدودية في صلب الاهتمامات الحالية والمستقبلية وعطفت الأماني أو حتى الأفكار على الأفعال فأثمرت ورقة طريق ستبدأ فورا بمد الجسور ضمن ما يمكن أن نسميه "خطة ساقية سيدي يوسف".
تتضمن هذه الورقة بشكل عاجل مشروع "إنشاء منظومة مشتركة للوقاية والانذار المبكر والتدخل للحد من حرائق الغابات" على أن يقوم الجانب الجزائري بموافاة نظيره التونسي بالوثيقة التوجيهية لهذه المنظومة في آجال 10 أيام.
تسعى هذه الخطة لتطوير المبادلات التجارية والاقتصادية عبر الحدود بين ولايتي الطارف وجندوبة، في إطار برنامج الأفتياس وخلق شركة تونسية - جزائرية للمعارض تسهر على تنظيم عدد من المعارض سنويا على مستوى الولايات الحدودية" وتساهم في "احداث حركية تجارية" على طول الشريط الحدودي.
وبالموازاة مع ذلك يجري "العمل على تطوير سلاسل القيمة" في مجالات النباتات الطبية والعطرية وزراعة التين الشوكي، وزراعة أشجار الزيتون، واللحوم الحمراء والبيضاء، والألبان والخضر المعدة للتجفيف والتصبير و"استحداث منطقة تبادل حر مشتركة" بمنطقة الطالب العربي ومنطقة حزوة.
وزيادة على ذلك، تم بموجب هذه الورقة الاتفاق على "تكوين المتربصين الجزائريين في مجال السياحة والفندقة والصيد البحري على مستوى المدرسة السياحية بعين الدراهم والمراكز التكوينية السياحية بطبرقة" وكذا "التبادل في مجال التكوين بين ولايتي ورقلة وتطاوين في مجالات الطاقة والبترول من الجانب الجزائري، والخدمات والفندقة والسياحة من الجانب التونسي".
وفيما يتعلق بفك العزلة عن ساكنة المناطق الحدودية "اقترح واليا تبسة والقصرين اعداد دراسات من طرف لجان مختصة حول اعادة استغلال خط النقل البري الرابط بين تبسة ومدينة القصرين" وكذا "اعادة احياء خط النقل الحديدي بين قسنطينة وحيدرة بتونس عبر تبسة".
كما اتفق واليا سوق أهراس والكاف على "دراسة مشروع استحداث منطقة أنشطة اقتصادية مشتركة " لاسيما وأن ولاية سوق أهراس تتوفر على منطقة أنشطة اقتصادية بمدينة سيدي فرج، وهي في المراحل النهائية للإنجاز على مساحة 50 هكتارا تحتوي على ستين تجزئة.
وسواء في جانبها الكلي (بين بلدين) أو الجزئي (بين ولايات) تؤكد الخطة الجديدة أن التكامل الحدودي بين الجارين أصبح أكثر من مجرد ترف وهو اتجاه يتبناه تبون وسعيد إيمانا منهما بالجوار الآمن الذي لا يتحقق دون تنمية وبالمصير المشترك الذي يبنيه التكامل وتقويه الروابط التي أثبتت متانتها بالأمس خلال الثورة التحريرية ولا تزال تؤكدها اليوم العلاقة المثالية بين قرطاج والمرادية أنه "الواجب" كما قال الرئيس.
لطفي فراج