الحراك الإخباري - معضلة قراءة التاريخ: لماذا نقرأ تاريخنا وكيف نتجنّب القراءات المتحيزة؟
إعلان
إعلان

معضلة قراءة التاريخ: لماذا نقرأ تاريخنا وكيف نتجنّب القراءات المتحيزة؟

منذ 4 سنوات|قراءة في كتاب


صدر مؤخراً كتاب "معضلة قراءة التاريخ، لماذا نقرأ تاريخنا وكيف نتجنّب القراءات المتحيزة؟"، للكاتب والباحث الفلسطيني محمد شعبان صوان، في طبعة مشتركة بين "الروافد الثقافية" و"ابن النديم".
يجمع العمل ظواهر وقصصا من التاريخ الإسلامي محاولاً النظر إليها من زوايا متعددة، حيث يؤكّد المؤلف على ضرورة النظر إلى الحدث ضمن سياق أكبر وأشمل وعدم انتزاعه من زمانه ومكانه مع مقارنته بأحداث وظواهر أخرى، وهذا لا يعني تبرير الخطأ بحجة السياق، ولكنه يتطلب وجوب الفهم الشامل قبل إطلاق الحكم التاريخي.
وقال في مقدمة الكتاب إنّ متتبع وسائل الإعلام والرأي العام في بلادنا يلاحظ أن الحوار في جانب التاريخ ساخن جداً، فبين التقديس المطلق الذي يعتقد أن نقاء التاريخ من أي شائبة هو ملاذ كرامتنا في واقع يتميز بالبؤس من جميع الجهات، والاحتقار المطلق الذي يظن أن بؤس الواقع هو النتيجة الحتمية لماض ليس فيه أي إيجابية، تقف الأجيال الباحثة عن مخرج، من البؤس نفسه، في طيف واسع من ألوان المواقف بين هذين النقيضين.
وأضاف "ما لا شك فيه أن ميدان التاريخ هو أحد الساحات المهمة في معركة التغيير لأنه بناء على الموقف فيه يتحدد المسار: هل بالتبعية لما جاء من الخارج؟ أم بالركون عملياً إلى انتصارات الأمس؟ أم باتخاذها حافزاً لتحقيق ما حققه الأسلاف؟ وكيف؟ بالبحث عن سبل لتكرار نفس النماذج الماضية؟ أم بالبناء فوق ما شاده الأسلاف؟".
 وبسبب أهمية هذا الميدان، نلاحظ الرعاية السياسية على أعلى المستويات التي يوليها الغرب لبعض الرموز التي تطعن في تاريخ الإسلام باسم الحرية غير الممنوحة لمن يحاول ممارسة الحرية نفسها في زوايا أخرى من ميدان التاريخ نفسه وقد يتعرض، بقوة الرأي العام بل بالقانون، لحرب شعواء تنال من كرامته وحريته وسمعته ورزقه، كما نلاحظ التركيز الشديد من مثقفي السلطات العربية المستبدة على تشويه مراحل تاريخية سابقة لتلميع صورة الأوضاع الحالية، يضيف المؤلف.
وتابع يقول " على القارئ الحصيف أن يسارع لمساءلة المثقف الذي يلهيه عن مقاومة حاضره المستسلم بسب الماضي الذي يصور مستسلماً: سلمنا بكل ما تقوله عن الماضين، فمن هو نموذجك المثالي الذي يخلو من هذه العيوب لو وزناه بنفس الميزان الذي وزنت به الماضي؟ من الذي أنجز كإنجازات الماضي ولكن لغايات شريفة بدل الغايات "غير الشريفة" التي بنى بها الماضون؟"
ويسأل شعبان صوان " فلماذا تلهوننا عن التجزئة والاستبداد والاستسلام والنهب والفساد والدموية والجهل والمرض والعمالة والخيانة والتواطؤ مع الخارج وهدر الإمكانات في واقعنا بمحاولة إسقاطها على الماضي في عملية تحريف واضحة، فتجعلون من شجاعتكم أمام القبور بدلاً من أن تكون أمام القصور؟"
وبعيداً عن الإجابة عن السؤال النهضوي الكبير: من المسئول عن تخلفنا وتقدم غيرنا، نلاحظ أن المعركة المحتدمة على الساحة التاريخية، في تقدير المؤلف، تتميز بعدم الإنصاف في قراءة تاريخنا إما بالجهل أو الإهمال أو الازدواجية أو تحميل الماضي أكثر من الحمل الطبيعي أو المبالغة في جلد الذات وغير ذلك من السلبيات التي يجمعها رابط واحد أنها لا تتفق مع الطريقة التي يقرأ بها العالم المتطور تواريخه رغم أن الهدف من تلك القراءة المنحرفة الجارية على ساحتنا هو اللحاق بالعالم في عصرنا".
وأردف " لو كان هذا الهدف صادقاً لتعلم أربابه التقليد جيداً وقرئوا التاريخ كما يقرأه معلموهم وما شطحوا تلك الشطحات التي لا يظهر منها سوى الرغبة الجامحة في محق الذات أمام الآخرين لا بسبب فراغ المحتوى التاريخي بل بسبب عدم بذل الجهد المطلوب لإدراكه، بما يوضح كسلاً في الهمة في نفس الوقت الذي يطالب فيه صاحبه الأسلاف بتحقيق المعجزات التي تحقق كثير منها بالفعل ولكن فتور الهمة هو الذي يجعلنا نجهلها ثم نطالب أجدادنا، بجرأة واضحة، بنشاط نعجز نحن عن بذل عُشره، لا في بذل الجهد مثلهم، بل لمجرد التعرف على ما أنجزوه". ما هي التحديات أمام قارئ التاريخ الإسلامي اليوم والباحث فيه؟ ، يجيب شعبان صوان، بأنها القراءات غير السوية لهذا التاريخ والتي يجب أن تصحح قبل الزعم بأننا نريد الانطلاق، فحتى لو كان الطابع السلبي هو الذي يسود تاريخنا كما يزعمون، فكل الأمم مرت بفترات سلبية طويلة، ومع ذلك لا تقرأ تواريخها بالسيف مسلطاً على رقابها أو بالسوط ضارباً ظهورها، وليعلم محتقرو ذواتهم أن هذا الاحتقار لن يكون عامل بناء في ظل حضارة سائدة ترفض استيعاب الآخر في جنتها الحصرية.
ويختم كلامه بالتنبيه " ولأن القراءة السلبية ليست عامل بناء، فإن تصحيح مسار القراءة التاريخية هو من ضمن معركة البناء، ولهذا وجب علينا أن ننظر بعين المفكر لا بعين الصياد"

تاريخ Dec 2, 2019