الحراك الإخباري - أول من شرح صحيح البخاري..ماذا تعرف عن أحمد الداودي؟
إعلان
إعلان

أول من شرح صحيح البخاري..ماذا تعرف عن أحمد الداودي؟

منذ 3 سنوات|دين


في رحلتنا التاريخية المعرفية مع أعلام الجزائر عبر العصور، تستوقفنا في هذه الحلقة شخصية شيخ الإسلام أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الدَّاوُدِيُّ المسيلي، التلمساني الجَزائِري المالكي، من أئمة الحديث الشريف وحفاظه، وأحد فقهاء المالكية المشهورين، ويكني بأبي جعفر، يعد أول من شرح صحيح البخاري وثاني شارح لموطأ مالك توفي سنة 402 هجرية .

ولد بمدينة المسيلة وقيل ولد بمدينة بسكرة، حفظ القرآن الكريم ودرس علوم العربية من نحو وصرف وبلاغة، ثم دراسة بعض مختصرات كتب الفقه المالكي كان عصاميا تعلّم بمفرده، ولم يعتمد إلا على قلة قليلة من علماء عصره .

من المؤكد أن الداودي -رحمه الله- عاش في القرن الرابع الهجري – وخاصة في النصف الثاني منه إلى بداية القرن الخامس الهجري- وشهد طرفا من أحداثه الكبرى، خاصة أيام الدولة العبيدية، وما كان بينها وبين أهل المغرب من صراع امتد إلى سنوات طويلة، وانتهى بخروج العبيديين من المغرب إلى مصر سنة 362 هـ، ثم حكم الدولة الصنهاجية التي كانت تدين بالولاء لهم في عهودها الأولى، ثم ما كان من خروجها عنهم، ورجوعها إلى المذهب السني، والدعوة للخلافة العباسية ببغداد أيام المعز بن باديس.

ومن المعلوم بداهة أن كل إنسان وليد بيئته وابن محيطه، يتأثر بعدد من العوامل المحيطة به، وتتشابك عدد من الظروف في تكوين شخصيته، يؤثر فيه المركوب والمأكول فضلا عن المعقول والمنقول.

والداودي كغيره تأثر بالفتن المتلاطمة، والإحن المتراكمة، التي كانت في عصره، فنشأ في عائلة متدينة متوسطة من أصول عربية هاجرت من الجزيرة العربية؛ حيث أقام ببسكرة، ونشأ بها أتم إنشاء وأزكاه، وأنبته الله أحسن النبات وأوفاه، فتلقى فيها مبادئ العلوم، وأحسن في نصب ركائز المعقول والمفهوم، وكانت مخايل النجابة عليه في صغره لائحة، ودلائل الذكاء في صباه واضحة، وبعد أن بلغ أشده، واستوى عوده، انتقل إلى المسيلة حاضرة العلم آنذاك، وفيها سمع منه ابن ميمون الطليطلي، ثم يمم إلى طرابلس الغرب، فحط بها عصا الترحال، وعقد العزم على تحقيق الآمال، خصوصا أنها كانت زاخرة بالعلماء، وآهلة بالأدباء، زيادة على من يمر بها من أهل المغرب والأندلس إلى المشرق للحج وطلب العلم، من أصحاب الأسانيد العالية، والسماعات الغالية، فبقي فترة في مرحلة الطلب، ثم تصدر إلى التدريس والإملاء، فأملى بها كتابه "النامي في شرح الموطأ".

 وفي هذه الفترة كان له دور فعال في إعلان النكير على الدولة العبيدية، التي ألزمت الناس بالتشيع، وأجلبت بخيلها ورجلها على علماء المالكية، بسجنهم وتعذيبهم وقتلهم، حيث كان صداعا بالحق لا يخاف في الله لومة لائم، فأفتى بكفر من يخطب للعبيديين ويدعو لهم يوم الجمعة، وأنكر على علماء القيروان مكوثهم تحت حكمهم وسلطانهم، وخوفا من سطوة العبيديين خرج من طرابلس متجها إلى تلمسان، " مع أواخر القرن الرابع الهجري حيث بدأت تتبلور معالم مدرسة مالكية قوية النفوذ، وذلك باحتضانها لشخصية لامعة في مجال الفقه المالكي، قامت بدور حاسم في إرساء قواعد المذهب بهذه المدينة"، ساعده في ذلك الأمن والاستقرار الذي تميزت به تلمسان التي كانت خارج سلطة العبيديين، فألف بها كتبا كثيرة انكب عليها أهلها بالمدارسة والاستفادة، ولعل أهمها كتابه الجليل "النصيحة في شرح صحيح البخاري".

 ثناء العلماء ومعاصريه عليه

قال عنه مؤرّخ الإسلام الإمام الذهبي: " أحمد بن نصر: أبو جعفر الأزدي الداودي المالكي الفقيه. كان بطرابلس المغرب، فأملي بها كتابه في شرح الموطأ، ثم نزل تلمسان. وكان ذا حظ من الفصاحة والجدل".

أما القاضي عياض فقد قال عنه: "من أئمة المالكية بالمغرب، والمتسعين في العلم المجيدين للتأليف".

وقال عنه الإمام ابن فرحون في ترجمته: "من أئمة المالكية بالمغرب كان فقيها فاضلا متقنا مؤلفا مجيدا له حظ من اللسان والحديث والنظر".

 أما الحافظ ابن حجر العسقلاني: فقد أورد له في "فتح الباري" 479 بين استشهاد ونقل لفوائد، وأورد الكثير من أقواله، مرجحا بها لرأيه مرة، ومناقشا لها أخرى ، وموهما لها تارة ومصححا له أطوارا.

 أما بدر الدين العيني الحنفي في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري " فقد أورد : 636 بين استشهادا وفائدة.

ومن كتب الفقه والنوازل والقضاء التي احتفظت لنا بهذه الآراء والنوازل والمسائل والفتاوى والاجتهادات على سبيل المثال: "المعيار المعرب عن فتاوى إفريقية والمغرب" للونشريسي، "الدرر المكنونة في نوازل مازونة"، لأبي زكريا يحي بنموسى المازوني، "الأحكام الجوازل، في نُبذ من النّوازل " لأبي رأس النّاصري الجزائري، "مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل"، لشمس الدين أبوعبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي المغربي ، المعروف بالحطاب الرُّعيني، "الذخيرة في الفقة المالكي" لشهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، "الموافقات" لإبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي، الشهير بالشاطبي.

 تــلامــذتــه

 ومن أشهر تلامذته أبو عبد الملك مروان بن علي - أبو محمد - الأسدي القطان البوني، نسبة إلى بونة ( مدينة عنابة بالشرق الجزائري توفي حوالي سنة 440هـ).

- أبو بكر أحمد أبي عمر أبي محمد بن أبي زيد (توفي بعد سنة 460هـ)

- هشام بن عبد الرحمن بن عبد الله، يعرف بابن الصابوني: من أهل قرطبة.

- أحمد بن سعيد بن علي الأنصاري القناطري، المعروف: بابن الحجال، من أهل قادس، يكنى: أبا عمر ( توفي سنة 428 هـ)

 مؤلفاته

  ترك العالم الكبير أحمد بن نصر الداودي تراثا زاخرا بالأعمال النفيسة، أبرزها:

- "النصيحة في شرح صحيح البخاري": ويسميه البعض " النصيح " ، وقد ألف هذا الكتاب الجليل في تلمسان حيث ألف أكثر كتبه بها. 

- "النامي في شرح موطأ الإمام مالك" : وهذا الكتاب أصَلَه وأملاه بطرابلس أي في المرحلة الأولى من حياته ، ويعتبر هذا الكتاب ثاني شرح للموطأ بعد شرح محمد بن سحنون القيرواني له. وقد ذكر عبد الرحمن الجيلالي أنه توجد نسخة منه بمكتبة القرويين بفاس تحت رقم(527).

    - "الأموال": وهو فتاوى وأحكام، وكتاب "الواعي في الفقه".

   - الإيضاح في الرد على القدرية"، وكتاب الأصول"، و كتاب "البيان"، و كتاب "تفسير القرآن المجيد".

 وفاته

توفي بمدينة تلمسان، حيث ألف معظم كتبه، و يُرجح أنه مات في سنة 402 هـ وهي السنة التي رجحها القاضي عياض عند ترجمته للداودي.


ق/و

تاريخ Mar 8, 2021