هو السبت الأول قبل الانتخابات التشريعية الفرنسية المقررة نهاية الشهر الجاري، يوم حافل عرف ولادة الجبهة الفرنسية المناهضة للجبهة الوطنية سابقا (التجمع الوطني حاليا) والتي عبرت من خلال ربع مليون متظاهر في شوارع باريس وغيرها من المدن عن رفضها القاطع لمشروع إنهاء الجمهورية الخامسة.
وخرج زهاء 250 ألف متظاهر إلى شوارع فرنسا أمس السبت من بينهم 75 ألف متظاهر في العاصمة باريس للاحتجاج على اليمين المتطرف وفقا لما ذكرته الشرطة الفرنسية فيما أشارت الأرقام التي قدمها الاتحاد العام للعمال أن التعبئة الشعبية قاربت 650 ألف شخص من بينهم 250 ألف شخص في باريس.
وفي الوقت الذي أكدت فيه الشرطة توقيف 9 متظاهرين وإصابة 3 ضباط بجروح خفيفة في أعمال العنف التي نشبت على هامش المسيرة الاحتجاجية في باريس ذكر المنظمون أن عدد نقاط التظاهر على كامل البر الفرنسي تجاوزت 150 نقطة.
وفي ردود الأفعال دعت ماتيلد بانوت، وهي رئيسة المجموعة البرلمانية لحزب لا فرانس أنسوميز (فرنسا الأبية) المنتهية ولايتها في الجمعية الوطنية، الناخبين للمشاركة في الانتخابات التشريعية على هامش المظاهرات في باريس.
وأردفت أن "الاختيار الذي سيتم اتخاذه يومي 30 يونيو و7 يوليو المقبلين بناء على أصوات مواطنينا سيحدد ما إذا كان اليمين المتطرف أم نحن."
ومن جانبه، قال الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، إنه سيترشح في الانتخابات التشريعية في كوريز، وهو ما يؤكد الأزمة التي تعيشها الطبقة السياسية الفرنسية في مواجهة السيدة لوبان وحليفها الجديد.
وقال هولاند لوسائل الإعلام في تول "إذا اتخذت هذا القرار، فهذا لأنني أشعر أن الوضع خطير، أكثر من أي وقت مضى. لم يقترب اليمين المتطرف من السلطة هكذا منذ التحرير." (أي منذ الحرب العالمية الثانية وسقوط حكومة فيشي).
وقبل ذلك، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد الماضي حل الجمعية الوطنية، عقب هزيمة حزبه في الانتخابات البرلمانية الأوروبية 2024.
وقد حصل حزب النهضة الذي يتزعمه ماكرون على 14.6 في المائة من الأصوات، ليصبح بذلك متخلفا كثيرا عن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، الذي حصل لأول مرة في تاريخه على 31.37 في المائة.
ووفقا لآخر استطلاعات الرأي التي تم إجراؤها قبل الانتخابات التشريعية المقرر انعقادها في 30 يونيو و7 يوليو، لن يحصل حزب النهضة الذي يتزعمه الرئيس إلا على 18 بالمائة من الأصوات في الجولة الأولى، ليصبح بذلك متخلفا عن الجبهة الشعبية التي ستحصل على 28.5 بالمائة، بينما سيحصل حزب التجمع الوطني على 29.5 بالمائة من الأصوات. وهو ما يرهن فعلا الجمهورية الخامسة ويمهد لميلاد الجمهورية السادسة التي قد تتخلى بشكل جذري عن مبادئها الثلاث (حرية، مساواة، أخوة) وعن النظام اللائيكي وحتى عن مقومات الأمة الفرنسية.
لطفي فراج