بقلم عبد العالي حساني شريف
رئيس حركة مجتمع السلم
من المقرر أن تُعقد القمة العربية الاستثنائية المؤجلة من 27 فيفري 2025 إلى 4 مارس 2025 بالقاهرة بهدف مناقشة التطورات الخطيرة للقضية الفلسطينية في ضوء خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمتعلقة بتهجير سكان قطاع غـ..زة، وصياغة موقف عربي موحد والرد على هذه المستجدات. وكان سبب التأجيل الظاهري استكمال التحضيرات اللوجستية والموضوعية، لكن #الأهداف_الخفية تكمن في سعي دول محور التسوية والتطبيع لتحضير قرارات القمة بشكل مسبق وفرضها كمخرجات للقمة على الدول الأعضاء وتسويقها كمخرج وحيد للوضع في ظل القبول بمنطق الاستجابة للهيمنة الأمريكية الداعمة للكيان الصـ..هيوني والراعية للحـ..رب على الشعب الفلـ..سطيني وتصفية القضية المركزية.
وأكدت اللقاءات التنسيقية التي وصفت بالأخوية على التوجه القائم على تكريس خيارات قادة الدول المنخرطة في مسارات التسوية الظالمة للشعب الفلسطيني المفروضة من قبل منظومة التطبيع والمطبعين والتي تستهدف الالتفاف على صمود الشعب الفلسطيني وماحققته المقـ..|ومة الباسلة وفرض حلول استسلامية تجرد المقـ..|ومة من سلاحها وعناصر قوتها التفاوضية.
وقبل الحديث عن المخرجات المحتملة للقمة العربية المرتقبة، ينبغي الإشارة للوضع الجديد الذي فرضته النسخة الثانية لحكم ترامب في حل الأزمات العالمية والثقافة الجديدة التي صاحبت التعامل مع الملفات العالمية الكبرى وقد تجلى ذلك في التوجهات الظالمة التي أعلنها ترامب بخصوص القضية الفلسطينية ومسعاه في التعامل مع الحرب الروسية الأوكرانية، وهنا يظهر جليا الفرق بين رد الفعل الأوربي والعربي، فأوروبا اختارت الوقوف إلى جانب أوكرانيا وتبنت المواجهة التي قادها زيلنسكي ضد ترامب وانحاز قادة الدول الأوروبية لجانب الأوكرانيين والدفاع عن حقوقهم وضمان خروج بلادهم من الحرب منتصرة، وعدم الرضوخ إلى طموح ترامب الذي يريد تصفية كل القضايا والتفرغ لحسم الصراع مع الصين.. بينما كان رد الفعل العربي مخيب لطموح الشعوب وتوجهات الأمة، وذهب بعض القادة العرب بعيدا حد مساومة المقـ..|ومة والضغط عليها والإمعان في حصار التجويع والإبادة والمساهمة في محاولة تركيع الشعب الفلسطيني وفصـ..|ئل المقـ..|ومة.. كل ذلك بسبب الاختراق الكبير الذي حققه مشروع التطبيع داخل الأنظمة المطبعة التي أصبحت تتبنى الدفاع عن السردية الصـ..هيونية ومخططات الكيان وتراهن على سلطة فلسطينية مهشومة تتآمر على شعبها وتخطط لكسر مقـ..|ومته.
لا شك أن ما ينتظر من القمة العربية لا يمكن أن يرتقي إلى الاستجابة لمطالب الشعوب وتوجهاتها، ولايقترب حتى من قرارات قمة الاتحاد الافريقي الأخيرة التي ساندت بشكل واضح الشعب الفلسطيني ورفضت كل أشكال التطبيع مع الكيان الصـ..هيوني، ولايمكن أن يقارن بالموقف الأوربي في الدفاع عن أوكرانيا.. كل هذا بسبب العمل المسبق الذي سوق للخيارات التي تشكل قناعات عند قادة الدول المنسقة والتي تبحث عن الانسياق والتماهي مع الموقف الأمريكي والذي لا يمكن أن تقبل به الدول المستقلة السيدة في قرارها الثابتة في مواقفها الداعمة لقضاياها.. لأنها لا يمكن أن تكون قرارات قادرة على مواجهة الجبروت الأمريكي المتحالف مع الكيان الصـ..هيوني ورفض المخططات التي يراد لها أن تنفذ لترتيب المنطقة.
الإرادة الامريكية في حل القضية الفلسطينية منطلقاتها دينية وعقدية واقتصادية وتوجهاتها ترتكز على حسم الصراع العالمي لصالح رؤية "أمريكا أولا" وبعض الأنظمة العربية التي تراهن على التطبيع لتحقيق أمن قادتها وملوكها على حساب توجهات الشعوب المناصرة للمقاومة والداعمة لصمود الشعب الفلسطيني لا تقبل من القمة إلا القرارات التي تؤكد بشكل واضح رفض كل محاولات تصفية القضية ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني وعدم السماح بصهينة الإعمار واشتراط إدارة غزة وابتزاز الفلسطينيين في أبسط عناصر دعمهم.
صمود المقـ..|ومة طوال هذه المرحلة لم يضره موقف المتخاذلين والمتآمرين والملتفين، بل كان دائما يستمد الثبات من الداعمين والمناصرين..
في كل هذه التجاذبات التي تحدث يبقى موقف الجزائر الموحد والثابت لأنه لم يتلوث بمسارات التسوية والهرولة نحو التطبيع والمستمر في دعم الحق الكامل للشعب الفلسطيني في تحرير أرضه ومقدساته.