الحراك الإخباري - الطريق المعبّد إلى الإسلام: التعرف على الذات
إعلان
إعلان

الطريق المعبّد إلى الإسلام: التعرف على الذات

منذ 3 سنوات|قراءة في كتاب

يدور هذا الكتاب " التعرف على الذات"، للعلامة الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي، رحمه الله، حول فكرة أن الطريق المعبّد إلى الإسلام الحقيقي منهجاً وسلوكاً لا يكون إلا من أهله في موقفهم لذواتهم. ولكن كيف يعرف المسلمون ذواتهم؛ وكيف يصلون إلى التصالح مع هذه الذوات، خالعين عن كاهلهم الإحساس بالدونية، أو ما يقابلها من الإحساس بالفوقية والتفرُّد؟
لاشك أن متغيرات كثيرة طرأت في العقود الأخيرة، تمثلت بعودة المسلمين إلى دينهم أولاً بأول، على أنه الدين الحق، ولا صراع ولا تعارض بينه وبين العلم والمادة. وكذا بعودة الأوربيين عن شطحهم المادي، حيث جعلوا المادة إلهاً معبوداً من دون الله، فما زادهم بريقها ومغرياتها إلاّ خبالاً وخواء روحياً وضلالاً. فغدَوا يحنون إلى دين تتفيّؤ أرواحهم الحائرة ظلاله.
يؤكد هذا الكتاب أن الإسلام هو الطريق والغاية، ومن أجل ذلك يتحدّث مؤلّفه عن نظام الحكم في الإسلام، وما يوفره للفرد من حرية فردية، وحرية في إطار الجماعة. ثم ينتقل إلى العبادات التي من شأنها تنظيم علاقة العبد بربه، وعلاقة العبد بأخيه وبالعالم من حوله، حيث تنعكس آثارها إيجاباً على السياسة والاقتصاد والمجتمع. ثم يتكلم على العقوبات في الإسلام (الحدود) وكيف أنها تسهم في توطيد دعائم السلم الأهلي، وتهيئ الجو العام لحياة نظيفة من الموبقات. ولا ينسى أن يعرج على ما يثار من شبهات حول تطبيق الشريعة الإسلامية نظاماً حاكماً لحياة الناس مستشهداً بمواقف بعض الأوربيين، وتأكيدهم بعد الدرس والتمحيص على أن العدالة القرآنية لا يسمو إليها قانون وضعي أو نظام عالمي.
ولما كانت المرأة وقضاياها الثغرة التي يحاول أعداء الإسلام الولوج منها، فإنه يحاول بموضوعية التأكيد على أنه لا عقدة تناقضٍ بين قضاياها الحقيقية والشريعة الإسلامية، بل تمثل الشريعة الحارس الأمين لهذه القضايا. ثم ينتهي إلى دعوة المسلمين إلى معرفة ذاتهم، ومعرفة دينهم، لأنه لا عودة للإسلام بغير أهله، ولا قيادة ولا ريادة ولا شهادة إلاّ لأهله.

وبذلك يشكل هذا الكتاب تأصيلا فكريا وعقليا عميقا لأكثر الموضوعات التي تثير الجدل بين كل فينة وأخرى في هذه الأيام وخصوصا فيما يحدث من فترة طويلة من جدلية الحاكمية والخلافة، وما يتعلق بكل هذا الموضوع من أجزاء ودقائق لا تدع مجالا للحيرة لكل باحث عن المعرفة الحقة.

كما يعرض الكتاب جل الموضوعات التي تمس الإنسان بشكل عام والمسلم بشكل خاص ويتولى كشف الجذور بإزالة الأتربة المغطية عنها كل هذا بموضوعية كبيرة بعيدة عن التحيز بأي شكل من أشكاله.
يبدأ الكتاب بسبر موضوع الإمامة منتقلا بعد ذلك إلى ما يتعلق بالإنسان كفرد حيث موضوع العبادة والطاقة الروحية والمشاعر التي هي الهدف وراء كل عبادة والتي بها يمكن الانتقال إلى الدور الذي قد تحدثه العبادة الفردية المتسمة بالصعود بالوجدانيات الإنسانية من آثار في الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وينتقل بعدها المؤلف ليعرض أكثر الشبهات والانتقادات التي توجه إلى الإسلام كدين وكفكر ويعرضها مفندا لها بأسلوبه العقلي والمجرد.
يقول الشيخ البوطي، رحمه الله، في ثنايا كتابه، ليست مشكلة العالم الإسلامي اليوم بصدد تطبيق الإسلام، أن أحكام الحدود غير مطبقة فيه أو أن المسلمون يتعاملون بالربا، أو أن أنظمتهم مستوردة من الغرب أو الشرق.

وإنما المشكلة الكبرى أن أكثر المسلمين فيه ضائعون عن هوياتهم، غافلون عن مصيرهم، لم يرسخ في ضمائرهم بعد معنى كونهم عبيداً لله عز و جل، و أنهم مجرد سلعة في بضاعة الرحمن، و أن في أعناقهم بيعة كبرى لمالكهم عز و جل، فتسلل سلطان الأهواء إلى نفوسهم، و ران ظلام الشهوات على قلوبهم، فمهما غرست في ساحات هذه النفوس أحكاماً و أنظمة إسلامية، لا بد أن يكون مصيرها الذبول و الإنمحاق.

و إنما تحل المشكلة، بحسب الشيخ البوطي، بإيقاظ العقول إلى حقيقة هذا الكون و ما وراءه و ما بعده، و بإيقاد سرج الإيمان الحقيقي بالله عز و جل في طوايا النفوس المظلمة، ثم تغذية هذا الإيمان بغذاء الذكر و العبادة، إلى أن تستيقظ في الجوانح مشاعر الرغبة و الرهبة، و يتحول الكيان الإنساني مظهراً لقول الله عز وجل: (قل إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين).

فعندئذ يسارع المسلمون إلى أداء واجباتهم، و النهوض بتكاليفهم، و أداء حق البيعة المتبثة في أعناقهم، فتطبق الحدود و يسقط الربا و تزول الفواحش، و يستقيم النظام، و يصبح التشريع والقانون مجرد حصن للوقاية، و سياج للحماية، و يتحد المسلمون بعد التفرق و الشقاق، وفق تعبيره.
ونشير إلى أن هذا الكتاب القيّم متوفر حصريا بالجزائر لدى دار الوعي، لكل من يرغب في الاستفادة منه، حيث يمكنه التواصل معها عبر موقعها الإلكتروني أو على حسابها الرسمي عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال وكلائها الموزعين المعتمدين.

تاريخ Aug 27, 2020