الحراك الإخباري - الزوابع الغبارية المفتعلة لن تؤثر على الجبال الراسية
إعلان
إعلان

الزوابع الغبارية المفتعلة لن تؤثر على الجبال الراسية

منذ يوم|رأي من الحراك


بقلم الدكتور جاب الله جمال الدين 

دبلوماسي سابق 


ان المتتبع لمجريات الأحداث في المنطقة لا شك انه انتبه إلى تكالب قوى الشر على الجزائر، قوى شر معلنة و خفية تستهدف بلدنا وشعبنا بشكل مباشر.

انه بحق زمن الردة و الرداءة فيما يتعلق بالسياسة الدولية، حيث لم يعد للمبادئ والقيم ولا القانون الدولي ولا القوانين التي تحكم العلاقات المتعددة الاطراف أية تأثير يذكر، بل نحن في عالم يشهد تحالفات مبنية على المتجارة بالقيم والمبادئ والنفاق السياسي و لا تتحرك له شعرة عندما يباد شعب باكمله على المباشر!

ولقد عبر وزير الخارجية الجزائري احمد عطاف في تصريح في تونس عن هذا الواقع الإقليمي والدولي واقتبس "فالاوضاع المحيطة بنا اقليميا وقاريا ودوليا، وللاسف لا تبشر البتة، ولا يرتاح لها بال، فمنظومة العلاقات الدولية المعاصرة في شقها السياسي والاقتصادي تشهد تلاشيا مقلقا لاسيما من ناحية التجاهل المتزايد لابسط القواعد والقوانين الدولية، ومن ناحية تحييد دور المنظمات الدولية وعلى رأسها الامم المتحدة."

ان الزوابع الغبارية المفتعلة، والتي تستهدف بلادنا قد اشتدت في الأشهر الاخيرة نظرا لتقاطع مصالح هؤلاء السماسرة وتجار السياسة للاضرار بالجزائر، ولكن ستخيب آمالهم أمام الجبال الراسية. 

ولعل مايزعج هؤلاء هو النهج الجديد للجزائر تحت قيادة عبد المجيد تبون، الذي عمل ومنذ توليه مقاليد الحكم على اعطاء ديناميكية جديدة ومتجددة للتنمية الاقتصادية بمفهومها الشامل، وذلك من خلال مشاريع تنموية كبرى و واعدة تخلق الثروة وفرص العمل وكذلك تخلق انتاج وطني اصبح قادر على المنافسة في الاسواق الخارجية، ضف إلى ذلك الرفع من قدرات الاقتصاد الوطني والتقليل من الواردات بالاعتماد على تنمية الإنتاج الوطني خاصة في المحاصيل الاستراتيجة كالقمح والزيوت والحليب وغيرها من المنتجات.

هذا ما ازعج هؤلاء السماسرة وتجار السياسة لأن احتلال الجزائر المرتبة الثالثة اقتصاديا في افريقيا، حسب المنظمات الاقتصادية العالمية، ضف الى ذلك المشاريع المتعددة الكبرى الجاري تنفيذها ستنقل الجزائر الى مصاف الدول الناشئة في السنوات القليلة القادمة. 

كما أن امتلاك الجزائر لثاني اقوى جيش في افريقيا مع وجود مؤسسات دولة قوية يجعل من بلادنا محطة انظار قوى الشر التي تتربص بنا سواء من الاعداء التقليدين أو الجدد. 

و في هذا الوضع المتأزم في العلاقات الدولية المعاصرة نرى ضرورة إعادة النظر في تحديد الأولويات من خلال تقييم موضوعي للوضع الداخلي ولسياستنا الخارجية، وهنا لابد من التركيز على محورين اساسين. 

الاول تقوية الجبهة الداخلية بالتركيز على الانعاش الاقتصادي والاستمرار في إنجاز المشاريع التنموية وخلق فرص العمل من خلال التوسع في بناء وحدات الانتاج افقيا لتصبح الجزائر من الدول الناشئة. وهنا لا بد من مرافقة مخطط الرئيس تبون في مسعاه الطموح من خلال اختيار العنصر البشري الكفء والقادر على رفع التحديات وتجسيد برنامجه على ارض الواقع ويكون ذلك باختيار المورد البشري وفقا لضوابط ومعايير محددة مع خلق آلية للرصد ومتابعة تنفيذ المشاريع. 

اما المحور الثاني فيتعلق بإعدة تحديد أولويات سياستنا الخارجية وفق المصلحة العليا للجزائر سياسة براغماتية تعتمد على الواقعية السياسة وبناء شراكات حقيقة مبنية على المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل. وهنا نرى أنه حان الوقت لترتيب أولويات سياستنا الخارجية وفقا للتوجهات الكبرى للرئيس مع ضرورة قيام جهازنا الدبلوماسي بوضع هياكل جديدة للتكييف مع هذا الواقع الجديد في العلاقات الدولية والعلاقات المتعددة الاطراف والتي أشار إليها السيد وزير الخارجية في تونس. 

وهكذا و في هذه الظروف الصعبة والمتغيرات الجديدة والناشئة، فإنه اصبح جليا ان إعادة النظر في تعيين سفراء الجزائر وفق ما تمليه المصلحة العليا للبلاد ووفق الخبرة السياسة والدبلوماسة وضوابط ومعايير محددة، اصبح ضرورة ملحة. 

كما ان هذا الوضع المعقد يستدعي الاستعانة برجال لهم تجربة وحنكة سياسة يعملون على تجسيد مقاربة الدولة في ملف السياسة الخارجية. وهنا استذكر الشخصيات الوطنية التي كان لهم دور فعال في الدبلوماسية الجزائرية ونذكر منهم على سبيل المثال المرحوم الحاج محمد يعلى الذي تولى منصب سفير الجزائر بموسكو، والمرحوم عبد المجيد علاهم سفير الجزائر بالمغرب، والسيد علي بن محمد سفير الجزائر بالقاهرة، والمرحوم عبد القادر حجار الذي تولى متصب سفير في عدة عواصم واخرين لا يتسع الوقت لذكرهم. 

كما أن التفكير في انشاء مجلس استشاري للسياسة الخارجية متشكل من السفراء القدامي ذوي الخبرة امرا يستدعي الاهتمام ليستفاد من خبرتهم وتقديم المشورة عند الضرورة.