الحراك الإخباري - " بلطجية" كرة القدم الجزائرية...صناعة من؟
إعلان
إعلان

" بلطجية" كرة القدم الجزائرية...صناعة من؟

منذ 3 سنوات|رياضة

عرفت السنوات الأخيرة، ظهور فئة "البلطجية" من المسؤولين على رأس عدد من الأندية الجزائرية، لا علاقة لها بالتسيير الرياضي و لا مستواها يسمح لها بالإشراف حتى على اصغر الفرق في ادني درجات كرة القدم، فتصريحاتهم و مواقفهم تدعوا للتفرقة بين مناصري مختلف الفرق الجزائرية و ربما هي من بين أسباب تفشي ظاهرة العنف في الملاعب.


و الأدهى ان ظاهرة الرؤساء الذين لا يمتون بأي صلة لأخلاق الرياضة بشكل عام و كرة القدم خاصة، استفحلت في اخر عشريتين، لدى أكبر الأندية الجزائرية، على غرار مولودية الجزائر، شباب بلوزداد، شبيبة القبائل و شبيبة الساورة و مولودية وهران و شباب قسنطينة و اندية أخرى.


و سياسة الهروب الى الأمام و اللاعقاب، ربما هما من بين أهم الأسباب التي ساهمت في استفحال ظاهرة "بلطجية" كرة القدم الجزائرية، فبات الاعتداء اللفظي على الهيآت المسيرة لشؤون كرة القدم من الرابطات الجهوية إلى الرابطة المحترفة و إتحادية كرة القدم أمر عادي يتكرر بشكل دوري.


 *رؤساء يتصدرون  صفحات الجرائد و يتسابقون نحو " البلاطوهات"*


 قبل  ظهور الصحافة المختصة في كرة القدم، لم يكن ظهور رؤساء الأندية من مختلف الأقسام على الصفحات الاولى إلا نادرا، و تصريحاتهم لم تكن خارجة عن نطاق الرياضة و حتى أن كان الغرض منها انتقاد أي هيأة مسيرة.


و لكن في السنوات الأخيرة بات ظهور مسؤولي الفرق على الصفحات الاولى للجرائد، يوميا، أكثر من اللاعبين، كما أنهم يتسابقون للظهور عبر بلاطوهات التلفزيونات الخاصة، و يطلقون تصريحات اغلبها عبارة عن رسائل ضغط سواء ضد الفاف أو الرابطة أو لجنة التحكيم، لحماية فرقهم من "الظلم" حسب اعتقادهم.

و في غالب الأحيان يتم تبرير الفشل في التسيير و تحقيق نتائج كارثية رغم صرف الملايير سنويا، بظلم تحكيمي أو برمجة كارثية من الرابطة أو بأمر مدرب من الاتحادية، و هذا لإخماد غضب الجماهير فقط، و لم يسبق أن اقر أي مسؤول أو رئيس لفريق ما في ندوة صحفية او امام مجلس ادارته بفشله في مهامه و ترك المنصب لشخص آخر.



 *عمر غريب اهان حكومة سلال و عاد من الباب الواسع !!*


بعض المؤشرات توحي إلى أن الحكومات المتعاقبة في فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، كانت تعتمد سياسة شراء السلم الاجتماعي و تتعمد عدم إصلاح قطاع الرياضة و تسمح ببروز أسماء لم تكن معروفة في الساحة الرياضية من قبل، سواء في التسيير أو كلاعبين سابقين.


ومن غير المعقول، أن يهين عمر غريب، رئيس فرع كرة القدم السابق في مولودية الجزائر، حكومة باكملها و يسمح له بالعودة من أوسع الأبواب.


ففي نهائي كأس الجمهورية الذي احتضنه ملعب سنة ملعب 5 جويلية سنة 2013 و الذي جمع بين مولودية الجزائر، واتحاد الجزائر ، عاد فيه الفوز للأخير بهدف دون رد، بحيث كان كل شيء طبيعي، إلى غاية إعلان الحكم الدولي السابق جمال حيمودي، عن نهاية المباراة، بحيث نزل عمر غريب من المنصة الشرفية و أمر لاعبي "العميد" و الطاقم الفني بمغادرة ارضية الميدان  وعدم الصعود إلى المنصة الشرفية لاستلام ميداليات الوصيف، أمام دهشة كل الطاقم الحكومي، الذي كان يترأسه حينها عبد المالك سلال.


و طلب سلال، من وزير الشباب والرياضة السابق، محمد تهمي، النزول إلى الملعب لمعرفة سبب تصرفات طاقم المولودية الغير مفهوم، و بمجرد وصول تهمي، إلى غرف تغيير ملابس العميد واذا به يسمع كلاما بذيئا يخرج من فم الحارس الدولي السابق فوزي شاوشي ، كما شاهد تهديد عمر غريب للحكام، ليعود ادراجه نحو المنصة بعد فشله في تهدئة الوضع.


و عليه تم اقصاء عمر غريب، و فوزي شاوشي، لمدة عامين، كما تقرر حرمان المدرب جمال مناد، من ممارسة مهامه لمدة سنة، و لكن بعد مرور 12 شهرا فقط، و بقدرة قادر، استفاد غريب، من عفو رئاسي ليعود إلى المولودية من أوسع الأبواب، ليعبث بالفريق مجددا، قبل أن يقصى بعدها بسبب سوء التسيير من قبل مسؤولي" سوناطراك" و  نفس الشيء بالنسبة لشاوشي، الذي وجد نفسه بعد عام فقط في صفوف المنتخب الوطني، وهذا رغم اهانته رفقة عمر غريب لحكومة بوتفليقة في نهائي كان منقولا عبر قناة قطرية إضافة الى كل القنوات الجزائرية.


 *هل سيبقى شريف ملال فوق القانون؟*


بعد صراع كبير وصل إلى أروقة العدالة، تمكن شريف ملال، الذي لم يكن معروفا لدى أنصار شبيبة القبائل و لا في محيط النادي من الاطاحة بشريف حناشي، الذي عمر طويلا في بيت "الكناري"


 و ما هي إلا أشهر عن توليه زمام الأمور في بيت شبيبة القبائل، بدأ ملال، في التهجم على سلفه حناشي، متهما الأخير بتحريض الأنصار ضده، كما لا يفوت الفرصة لانتقاد الرابطة و الفاف، كلما تعثر فريقه أو خسر على ارضه أو خارجها.


 ويجب التنويه الى أن ملال، ظل يمارس مهامه بشكل طبيعي رغم العقوبة التي سلطت عليه في نهاية الموسم ما قبل الماضي، بسبب فضيحة التسجيل الصوتي الذي تم تسريبه للاعلام، و الذي تحدث فيه رئيس " الكناري" مع المناجير العام السابق لشباب قسنطينة، طارق عرامة، عن ترتيب مباراة " السياسي" على حساب ضيفه إتحاد الجزائر مقابل 2.5 مليار سنتيم، في آخر جولة من الموسم.


فبتاريخ 19 جوان 2019، اعلنت الرابطة اقصاء ملال لمدة سنتين، و لكن العقوبة لم تطبق، بحيث بقي ملال، الآمر الناهي في فريقه و يلج الى اي ملعب في كل جولة و يدخل لغرف تغيير الملابس، دون حسيب و لا رقيب، وهذا ربما من بين الأسباب التي جعلت المسؤول الاول في بيت "الكناري" يتمادي في انتقاد الرابطة و الفاف، كما شكك في شرعيتهما خلال تصريحاته الأخيرة، بسبب قضية الممثل الثاني للجزائر في كأس "الكاف"، و عليه اصدرت لجنة الانضباط يوم 10 سبتمبر عقوبة جديدة في حق ملال، و هي الاقصاء لمدة سنتين، و لكن هل سيبقى هذا القرار حبرا على ورق أم ستطبق العقوبة فعلا هذه المرة؟.


 *من فتح الباب امام " البلطجية" لتسيير كرة القدم؟*


يعتقد رفيق وحيد، صحفي متخصص، أن مشكلة الرياضة بصفة عامة و كرة القدم على وجه الخصوص، تمكن في سوء تسيير المنظومة :" الحديث عن الدخلاء على كرة القدم، يبدا من الهيآت المسيرة لهذه اللعبة، فهذه الرياضة  تم تسييرها عبر مر السنين عن طريق التسلط و الجهات التي تحكم اليوم، فتحت الباب للبلطجية و يمكن قراءته بالحبر السري هذه الهيآت تسيرها عن طريق ( le voyoutsime ) و الأدلة كثيرة منها نوعية تصريحات عبد الكريم مدوار، رئيس الرابطة المحترفة، مزوار في قضية إتحاد الجزائر و بعدها فصلت المحكمة الرياضية الدولية لصالح فريق "سوسطارة".. اضافة وقضية فهد حلفاية و وكيل اللاعبين نسيم سعداوي، صديق خير الدين زطشي، رئيس الفاف،  وحتى طريقة كتابة الأخيرة  لبيانات تدل على انها اتحادية "بلطجية". 

واضاف محدثنا:"  أعتقد أن السلطة هي التي فتحت الباب لكي تسير الرياضة من قبل الدخلاء و من أشخاص غير متخلقين، و عندما نتخلص من النظرة السياسية للرياضة عندئذ يمكن القول أنما وضعنا القطار في سكته الصحيحة لتطهير المنظومة من الفساد و المفسدين، بحيث من المفروض استغلال القيم و مبادئ الرياضة و إذا به يحدث العكس، فالاكفاءة و النزهاء ليس لهم مكان في هذا الوسط ..خرق القوانين موجود في كل الاتحاديات وحتى مستواهم الدراسي ضعيف وهم ليسوا أهلا للتسيير و حصيلاتهم المالية و الأدبية فيها خروقات و لكن تتم المصادقة عليها.


 *المفسدون لديهم حصانة غير مسبوقة وخطيرة*


يرى رفيق وحيد، أن تمادي الدخلاء على كرة القدم، في ظلمهم و تجاوزاتهم ليس وليد الصدفة بل لأنهم يتمتعون بالحصانة:" لدينا مشكلة مجتمع و أخلاق و إذا فسدت ماذا يتبقى لنا؟.. لقد تجاوزنا قضية الدوس على القوانين بحيث أصبح حدث عابر.. في اوروبا تم إسقاط فرق لانها خرجت على القانون و عندنا دخل شخصان السجن، رئيس فريق و وسيط لاعبين و أطلق سراحهما فيما بعد ويمارسان وظيفتها بشكل عادي .. المواصفات المطلوبة الآن ليست في الكفاءات و الأخلاق و العمل و الخبرة و لكن العكس تماما و لذلك "البلطجية" و جدوا أنفسهم داخل المنظومة التي أعطتهم الحصانة،  بحيث بمكنك ان تسب و تشتم و تسرق الأموال فهذه حصانة غير مسبوقة و وغير طبيعية وخطيرة جدا.. ليست هناك استراتيجية للارتقاء بمنظومة الشباب و الرياضة دائما نعمل ضد القطاع و ليس لصالحه.

نور عبد الوهاب

تاريخ Sep 11, 2020