الحراك الإخباري - تبون و نظرته للعالم الخارجي
إعلان
إعلان

تبون و نظرته للعالم الخارجي

منذ أسبوع|رأي من الحراك


بقلم جمال الدين جاب الله

دبلوماسي مختص في قضايا التنمية 

الجزائر جزء لا يتجزء من المحيط المتوسطي ورغم كل الانحرافات التي يمكن أن تشهدها هذه العلاقات من دول المتوسط نتيجة بعض المواقف لبعض الدول مما قد يؤدي إلى التأزم في بعض الفترات ولكن هذا أمر عادي في العلاقات الدولية و التعامل بواقعية و براغماتية مع الأزمات كما يفعله الرئيس عبد المجيد الذي يعمل جاهدا لبناء علاقات متوازنة وبناءة و خلق شراكات حقيقية مع دول حوض المتوسط وجعل المتوسط بحيرة سلام وتعاون مثمر لصالح شعوب ودول المتوسط نظرا للموروث التاريخي والمشترك لشعوب المتوسط و النموذج الإيطالي الذي اشاد به تبون بحكم العلاقات المتميزة والتاريخية مع هذا البلد الصديق الذي يبني علاقاته انطلاقا من مبدأ التعاون وبناء شراكات مع الجزائر على اساس المصالح المشتركة بعيدا عن سياسات التدخل والاملاءات، هذا النموذج محترم وسليم في بناء علاقات مستديمة. 

ونفس الأمر يجب أن يتبع في علاقاتنا مع اسبانيا لما للدولتين من تقارب ومشاريع مشتركة. اما بالنسبة لفرنسا فكان الرئيس وبحق في منتهي البراغماتية والواقعية السياسية ايمانا منه بأن ما يجمع فرنسا والجزائر كثير رغم تعقيدات المرحلة والارث التاريخي المؤلم للشعب الجزائري ومع ذلك أبدى تبون استعدادا لمعالجة هذه الازمة المفتعلة من جهات فرنسية معروفة، بالحوار المسؤول مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحلحلت المشاكل بأسلوب حضاري بعيدا عن الابتزاز والعلو و بهذه الطريقة رمى كرة الأزمة في ملعب الرئيس الفرنسي رأس هرم السلطة مع تفويض كامل لوزير خارجيتنا للبدء في الحوار متى رغبت القيادة الفرنسية في ذلك

ومن دول المتوسط انتقل تبون للحديث عن العلاقات الجزائرية مع دول الاتحاد الأوروبي مذكرا بالعلاقات الطيبة التي تجمع الجزائر مع هذه الدول والتطور الحاصل في بناء شراكات متينة معها وخاصة المانيا وسلوفينيا وغيرها من الدول الاوروبية

اما فيما يخص علاقاتنا مع الدول الافريقية والفضاء الافريقي الذي تنتمي اليه ورغم غياب الجزائر الطويل نسبيا الا ان السياسة التي رسمها السيد الرئيس منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد بخصوص افريقيا وجعلها اولوية في سياستنا الخارجية مكنت الجزائر من العودة وبقوة على الساحة الافريقية وما مشاركة السيد الرئيس شخصيا في آخر قمة للاتحاد الافريقي لدليل قاطع على مايوليه لاتحاد الافريقي لأن الجزائر بحاجة إلى افريقيا وافريقيا بحاجة للجزائر وقد لمس المواطن الجزائري عديد اللقاءات والزيارات الرسمية للوفود الافريقية للجزائر وكذلك الجولات المكثفة التي تقوم بها الجزائر في القارة الافريقية لإعطاء ديناميكة جديدة لدفع هذه العلاقات الى فضاءات ارحب وخاصة مايتعلق بتطوير وتوسيع العلاقات الجزائرية مع دول افريقيا وخاصة في إطار منطقة التجارة الحرة الافريقية وفتح فروع للبنوك الجزالرية في بعض الدول الافريقية والعملية مستمرة وكذلك فتح خطوط جوية مباشرة لبعض الدول الافريقية والعملية مستمرة كلما كانت ضرورة اقتصادية لذلك وهنا يأتي التركيز في علاقاتنا مع الدول الافريقية من خلال تقديم الدعم والمساعدة من خلال مشاريع في هذه الدول و يمكن أن تلعب الوكالة الوطنية للتعاون الدولي والتنمية دورا كبيرا في دعم السياسة الخارجية في المنطقة و زيادة صادرات الجزائر إتجاه الدول الافريقية وهنا يجب التوقف التحدث عن النظرة المستقبلية للسيد الرئيس لافريقيا التي يعتبرها السوق المستقبلية للصادرات الجزائرية و من هنا نفهم التسهيلات التي منحها السيد الرئيس للمتعاملين الاقتصاديين وخاصة المصدرين وهذا كله يصب في نظرته لتنويع مصادر العملة الصعبة والتقليل التدرجي التنازلي على المحروقات


اما بخصوص السياسة الخارجية الجزائرية على المستوى الدولي، أصبح للجزائر اليوم دور فعال في هيئة الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي من خلال طرح الأفكار المبتكرة لتنشيط العمل المتعدد الاطراف والدفاع وبقوة عن القضايا العادلة والتركيز على القضية الفلسطينية وقضية الصحراء الغربية وهذا نضال مستمر تقوم به الدبلوماسية الجزائرية وهذا واجبها وجزء اصيل من مبادئها المتجذرة في سياستها الخارجية، كما تعمل الجزائر على تقوية منظومة دول عدم الانحياز وتسعى الجزائر ايضا لإعطاء دفعة قوية من اجل تنشيط هذا التكتل الدولي. والجزائر الوفية لمبادئعها لا تنسى دور هذه المجموعة في نصرة الثورة الجزائرية. وانطلاقا من مبدأ عدم الانحياز تبني الجزائر علاقاتها مع بقية دول العالم على اسس متينة ومصالح مشتركة وهنا تحدث السيد الرئيس على العلاقات التارخية التي تجمع الجزائر مع روسيا وهي علاقات مبنية على الاحترام المتبادل والمنافع المشتركة والتشاور المستمر وهو نفس الشي لعلاقاتنا مع الصين حيث توسعت وتطورت بشكل ملحوظ منذ تولي السيد الرئيس عبد المجيد تبون الحكم في البلاد ولعل قيام السيد الرئيس بزيارة دولة لكل من الصين وروسيا وتوقيع العديد من الاتفاقيات يدل على متانة هذه العلاقات كما أن التطور الملحوظ في علاقة الجزائر بالولايات المتحدة الأمريكية يرجع للاحترام المتبادل و مصداقي هذه العلاقة المبينة على الشراكة الحقيقية لما فيه مصلحة البلدين وقد تعززت هذه العلاقة في الاونة الاخيرة بتوقيع مذكرة تفاهم في المجال الامني والعسكري وهي علاقات واعدة مقبلة على التوسع بما يخدم المصالح المشتركة وللجانب الاقتصادي حصة الأسد حيث يعد مجال المحروقات مجال حيوي للبلدين وسيتم التوسع في هذا المجال وبسرعة في السنوات القادمة كما ان المجال الفلاحي والصناعي مقبل على بناء شراكات جديدة من شانها تعزيز الاستثمارات الأمريكية في الجزائر، كما يحسب للسيد عبد المجيد تبون إعادة تنشيط العلاقة مع الهند كدولة فاعلة على الساحة الدولية

ومما سبق ذكره نجد إن السيد الرئيس عبد المجيد تبون له رؤية واضحة المعالم في سياستنا الخارجية وأهداف يريد بلوغها في السنوات القليلة القادمة سياسة براغماتية تتسم بالواقعية السياسية سياسة هادفة مبينة على التعاون وبناء شراكات حقيقة سياسة اساسها الاحترام المتبادل وتقاسم المنافع وجعل من عاملي الامن والاستقرار مفتاح كل تعاون مثمر

تاريخ Mar 24, 2025